القائل ما أشهدتهم خلق السموات والأرض ولا خلق أنفسهم سورة الكهف ٥٢
إن الإنسان ليندهش حين يرى أن عليا عليهالسلام يجيب عند ما يسأل عن المسافة بين السماء والأرض بقوله عليهالسلام دعاء مستجاب ذلك لأنه ليس هناك عدد يمكن أن يعبّر به عن هذه المسافة التي لا يعلم مداها إلا الله سبحانه وتعالى إلا أن يقال دعاء مستجاب فإن الله تعالى لا يخلو منه مكان وهو القائل ونحن أقرب إليه من حبل الوريد (ق ١٢) ما يكون من نجوى ثلاثة إلا هو رابعهم ولا خمسة إلا هو سادسهم ولا أدنى من ذلك ولا أكثر إلا هو معهم أين ما كانوا ثم ينبئهم بما عملوا يوم القيامة إن الله بكل شيء عليم ، سورة المجادلة ٧٠.
انظر كيف لا يعظم ولا يقدس خالقه الذي جهز مخه ٢٠٠٠٠٠٠٠ عصب لكل واحد منها وظيفته فلو حبس أحدها حدثت عوارض تختلف عما لو حبس غيره ولو حسبنا بحساب رياضي (حساب الاحتمالات) نرى أن ليس هناك أية صدفة تجعل عشرين مليون عصب تترتب بهذا الترتيب الدقيق حتى تتوارى عليها الإحساسات فتشعر الروح بواسطتها بما حدث فهي دون ما تشبيه كآلة الراديو فكما أن الراديو ليس هو الصوت والمتكلم هكذا هذه الأعصاب الكثيرة في المخ الإنسان ليست هي الروح والنفس وإنما واسطة لتحسس الروح أو النفس.
على أن للمتفكر أن يقول ومن أين جاءت هذه الأجزاء التي كل منها بدورها شكل من جزئيات أخرى بصورة دقيقة وهندسية (فَإِنَّها لا تَعْمَى الْأَبْصارُ وَلكِنْ تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ) سورة الحج ٤٦.
قيل لعلي بن موسى الرضا عليهالسلام : ما الدليل على حدوث العالم قال أنت لم تكن ثم كنت وقد علمت أنك لم تكوّن نفسك ولا كونك من هو مثلك.
خلاصة الكلام في المقام أن الاعتقاد بوجود الخالق أمر ارتكازي في الإنسان ولكن هذا الإنسان بارتكابه المعاصي وباتباعه أوامر الشيطان يحيد عن الفطرة فينكر خالقه ويتخذ لنفسه مما صنع بيده آلهة فيعبد الأوثان والحيوانات إلى ما