من جعل الرئة مروحة الفؤاد لا تفتر ولا تخل لكيلا تتحيز الحرارة في الفؤاد فتؤدي إلى التلف.
من جعل لمنافذ البول والغائط أشراجا تضبطهما لئلا يجريا جريانا دائما فيفسد على الإنسان عيشه ، فكم عسى أن يحصى المحصي من هذا بل الذي لا يحصى منه ولا يعلمه الناس اكثر.
من جعل المعدة عصبانية شديدة وقدرها لهضم الطعام الغليظ.
ومن جعل الكبد رقيقة ناعمة لقبول الصفو اللطيف من الغذاء ولتهضم وتعمل ما هو ألطف من عمل المعدة إلا الله القادر المتعال.
أترى الإهمال يأتي بشيء من ذلك؟
كلا : بل هو تدبير من مدبر حكيم قادر عليم بالأشياء قبل خلقه إياها لا يعجزه شيء وهو اللطيف الخبير.
فكر يا مفضل لم صار المخ الرقيق محصنا في أنابيب العظام هل ذلك إلا ليحفظه ويصونه.
لم صار الدم السائل محصورا في العروق بمنزلة الماء في الظروف إلا لتضبطه فلا يفيض.
لم صارت الأظفار على أطراف الأصابع إلا وقاية لها ومعونة على العمل.
لم صار داخل الاذن ملتويا كهيئة اللولب إلا ليطرد فيه الصوت حتى ينتهي إلى السمع وليتكسر حمة الريح فلا ينكأ في السمع.
لم حمل الإنسان على فخذيه وأليتيه هذا اللحم إلا ليقيه من العرض فلا يتألم من الجلوس عليها ، فهنالك الأهداف العالية تظهر من خلايا الصنع فكيف الإهمال.
من جعل الإنسان ذكرا وأنثى إلا من خلقه تناسلا.