بصحيح. وذكر ذلك جماعة من علماء الأنساب ، ثمّ ترقّت به الحال إلى أن ملك المغرب ، وبنى المهديّة ، وتلقّب بالمهديّ. وكان زنديقا خبيثا ، عدوّا للإسلام. قتل من الفقهاء ، والمحدّثين ، والصّالحين جماعة كبيرة ، ونشأت ذرّيته على ذلك. وبقي هذا البلاء على الإسلام من أوّل دولتهم إلى آخرها ، وذلك في ذي الحجّة سنة تسع وتسعين ومائتين إلى سنة سبع وستّين وخمسمائة.
وقد بيّن نسبهم جماعة مثل القاضي أبي بكر الباقلّانيّ ، فإنّه كشف في أوّل كتابه المسمّى «كشف أسرار الباطنيّة» عن بطلان نسب هؤلاء إلى عليّ رضياللهعنه ، وكذلك القاضي عبد الجبّار بن أحمد استقصى الكلام في أصولها ، وبيّنها في أواخر كتاب «تثبيت النّبوّة» ، وبيّن ما فعلوه من الكفريات والمنكرات.
قرأت في تاريخ صنّف على السّنين في مجلّد صنّفه بعض الفضلاء سنة بضع وثلاثين وستمائة ، وقدّمه لصاحب مصر الملك الصّالح : في سنة سبع وستّين : وفي (١) العاضد في يوم عاشوراء بعد إقامة الخطبة بمصر بيويمات في أوّل جمعة من المحرّم لأمير المؤمنين المستضيء بالله ، والعاضد آخر خلفاء مصر. فلمّا كانت الجمعة الثّانية خطب بالقاهرة أيضا للمستضيء ، ورجعت الدّعوة العبّاسيّة بعد أن كانت قد قطعت بها أكثر من مائتي سنة. وتسلّم الملك صلاح الدّين قصر الخلافة ، واستولى على ما كان به من الأموال والذّخائر ، وكانت عظيمة الوصف. وقبض على أولاد العاضد وأهل بيته ، وحبسهم في مكان واحد بالقصر ، وأجرى عليهم ما يمولهم ، وعفّى آثارهم ، وقمع مواليهم وسائر أنسبائهم.
قال : وكانت هذه الفعلة من أشرف أفعاله ، فلنعم ما فعل ، فإنّ هؤلاء كانوا باطنيّة زنادقة ، دعوا إلى مذهب التّناسخ ، واعتقاد حلول الجزء الإلهيّ في أشباحهم.
وقد ذكرنا أنّ الحاكم قال لداعيه : كم في جريدتك؟
__________________
(١) في الأصل : «وفا».