الدّين قراقوش (١) ، فما دخل القصر شيء ولا خرج إلّا بمرأى منه ومسمع ، ولا حصل أهل القصر بعد ذلك على صفو مشرع. فلمّا توفّي العاضد أحيط على آل القصر في موضع جعل برسمهم على الانفراد ، وقرّرت لهم الكسوات والأزواد ، فدامت زمانا ، فجمعت رجالهم ، واحترز عليهم ، ومنعوا من النّساء لئلّا يتناسلوا ، وهم إلى الآن محصورون محسورون لم يظهروا. وقد نقص عددهم ، وقلّص مددهم. وفرّق ما في القصر من الحرائر والإماء ، وأخذ ما يصلح له ولأمرائه من أخاير الذّخائر ، وزواهر الجواهر ، ونفائس الملابس ، ومحاسن العرائس ، وقلائد الفرائد ، والدّرّة اليتيمة ، والياقوتة الغالية (٢) القيمة. ووصف العماد أشياء ، عديدة (٣).
قال (٤) : واستمرّ البيع فيما بقي عشر سنين ، ومن جملتها الكتب ، وكانت خزانة الكتب مشتملة على نحو مائة وعشرين ألف مجلّدة (٥).
وانتقل إلى القصر الملك العادل سيف الدّين أبو بكر لمّا ناب عن أخيه ، واستمرّت سكناه فيه (٦).
وكان صلاح الدّين لا يخرج عن أمر نور الدّين ، ويعمل له عمل القويّ الأمين ، ويرجع إلى رأيه المتين (٧).
__________________
(١) هو بهاء الدين قراقوش بن عبد الله الأسدي المتوفى سنة ٥٩٧ ه. (وفيات الأعيان ٣ / ٣٦٤ ـ ٣٧١).
(٢) في الروضتين ج ١ ق ٢ / ٤٩٥ «والياقوتة العالية الغالية».
(٣) الروضتين ج ١ ق ٢ / ٤٩٤ ، ٤٩٥ و ٥٠٦ ، سنا البرق الشامي ١ / ١١٢.
(٤) قوله في الروضتين ج ١ ق ٢ / ٤٩٥ و ٥٠٧ ، وسنا البرق الشامي ١ / ١١٢ ، والنجوم الزاهرة ٥ / ٣٣٥.
(٥) الروضتين ج ١ ق ٢ / ٥٠٨ ، سنا البرق الشامي ١ / ١١١ ـ ١١٣ ، دول الإسلام ٢ / ٨٠ فيه : «وكانت أزيد من مائة ألف مجلّد».
(٦) سنا البرق الشامي ١ / ١١٣ ،
(٧) الروضتين ج ١ ق ٢ / ٥٠٣.