وقال : سألتك ما الّذي تعتقد في أبي بكر وعمر؟ قلت : أعتقد أنّه لولاهما لم يبق الإسلام علينا ولا عليكم ، وأنّ محبّتهما واجبة.
فضحك ، وكان مرتاضا حصيفا قد لقي في ولايته فقهاء السّنّة وسمع كلامهم ، وقد جاءتني منه مرّة أبيات معها ثلاثة أكياس ذهب ، وهي قوله :
قل للفقيه عمارة يا خير من |
|
أضحى يؤلّف خطبة وخطابا |
اقبل نصيحة من دعاك إلى الهدى |
|
قل حطّة وادخل إلينا البابا |
تلق الأئمّة شافعين ولا تجد |
|
إلّا لدينا سنّة وكتابا |
وعليّ إن يعلو محلّك في الورى |
|
وإذا شفعت إليّ كنت مجابا |
وتعجّل الآلاف ديني (١) ثلاثة |
|
صلة وحقّك لا تعدّ ثوابا (٢) |
فأجبته مع رسوله :
حاشاك من هذا الخطاب خطابا |
|
يا خير أملاك الزّمان نصابا |
فاشدد يديك على صفاء محبّتي |
|
وامنن عليّ وسدّ هذا البابا (٣) |
ومن مليح قول عمارة اليمنيّ من قصيدة :
لو لم يكن يدري (٤) بما جهل الورى |
|
من الفضل لم تبق (٥) عليه الفضائل |
لئن كان منّا قاب قوس فبيننا |
|
فراسخ من إجلاله ومراحل (٦) |
وله يرثي الصّالح بن رزّيك لمّا قتل :
أفي أهل ذا النّادي عليم أسائله |
|
فإنّي لما بي ذاهب اللّبّ ذاهله |
سمعت حديثا أحسد الصمّ عنده |
|
ويذهل واعيه ويخرس قائله |
وقد رابني من شاهد الحال أنّني |
|
أرى الدّست منصوبا وما فيه كافله |
__________________
(١) في النكت : «وحي».
(٢) النكت ٤٥.
(٣) النكت ٤٥ ، ٤٦ وفيه بيتان آخران.
(٤) في النكت : «أدرى».
(٥) في النكت : «لم تنفق».
(٦) النكت ٤٧.