ومن فضائله ، قال سبط ابن الجوزيّ (١) إنّه كان له عجائز بدمشق وحلب ، فكان يخيط الكوافي (٢) ويعمل الكساكير (٣) ويبيعها له العجائز سرّا ، فكان يوما (٤) يصوم ويفطر على أثمانها.
حكى لي شرف الدّين يعقوب بن المعتمد أنّ في دارهم سكرة على حرستان (٥) من عمل نور الدّين يتبرّكون بها ، وهي باقية إلى سنة خمسين وستّمائة.
ومنها ما حكى لي الشّيخ أبو عمر قال : كان نور الدّين يزور والدي في المدرسة الصّغيرة المجاورة للدّير ، ونور الدّين بنى هذه المدرسة ، والمصنع ، والفرن ، فجاء لزيارة والدي ، وكان في سقف المسجد خشبة مكسورة ، فقال له بعض الجماعة : لو جدّدت السّقف. فنظر إلى الخشبة وسكت. فلمّا كان من الغد جاء معماره ومعه خشبة ، فزرقها موضع المكسورة ومضى. فقال له بعض الحاضرين : ذاكرتنا في كشف سقف. فقال : لا والله ، وإنّما هذا الشّيخ أحمد رجل صالح ، وإنّما أزوره لأنتفع به ، وما أردت أن أزخرف له المسجد (٦).
ومنها ما حكى لي نجم الدّين الحسين بن سلام قال : لمّا ملك الأشرف دمشق ، وعمّر في القلعة مسجد أبي الدّرداء ، قال لي : يا نجم الدّين ، كيف
__________________
(١) في مرآة الزمان ٨ / ٣١٣.
(٢) في المرآة : «اللوافر». وقال مصحّحه في الحاشية (١) ولعلّ الصواب الكوافر جمع الكافر وهو ثوب يلبس فوق الدروع.
(٣) في الأصل «السكاكر» ، والمثبت عن مرآة الزمان ٨ / ٣١٣ وفيه : «ويعمل الكساكير للأبواب».
وجاء على هامش الأصل : «السكارة : الضّبّة».
(٤) في الأصل : «فكان يوم».
(٥) هكذا في الأصل. وفي مرآة الزمان ٨ / ٣١٤ «في دارهم سكرة من عمل نور الدين بخوزستان».
(٦) مرآة الزمان ٨ / ٣١٤.