عما ذكرناه ، والبناء على جريانه في الأحكام الكلية ، نبحث عن جريانه في الحكم التعليقي. وقد مثلوا له بماء الزبيب إذا غلى ، فان عصير العنب يحرم بالاتفاق إذا غلى ، وينجس أيضا على المشهور ، فإذا جف وصار زبيبا ، يشك في حرمته إذا غلى.
وقبل تحقيق ذلك لا بد من بيان مقدمة : وهي ان العناوين المأخوذة في موضوع الحكم لا تخلو عن أحد أنحاء ثلاثة :
الأول : أن يكون العنوان معرفا محضا لذات المعنون عرفا ، كما إذا حكم بطهارة الحنطة أو حليتها ، فان العرف لا يشك في انه معرف للجسم ، وليس مقوما للموضوع ، فإذا دق وعجن وطبخ بحيث لا يسمى عرفا بالحنطة ، بل يقال له خبز الحنطة ، كان نفس الحكم الأول ثابتا ، ونفس الدليل الأول كافيا في إثباته بعد تبدل العنوان. ومن هذا القبيل حلية العنب وطهارته ، فانها ثابتة له إذا صار زبيبا ، وليس الحكم بحليته أو طهارته حكما حادثا.
الثاني : أن يكون العنوان مقوما للموضوع عرفا ، حدوثا وبقاء ، ومن قبيل الواسطة في العروض ، بحيث كان تبدله موجبا لتبدل الموضوع ، والحكم الثابت له بعد ذلك يكون حكما مغايرا مع الحكم الأول ، وإن كان مطابقا له ، ومن هذا القبيل جميع موارد الاستحالة ، كعنوان الكلبية الكلب للنجاسة ، فانه إذا تبدل العنوان كما إذا وقع الكلب في المملحة فصار ملحا لا يشك العرف في ارتفاع الحكم الأول ، لتبدل الموضوع ، وان هذا الملح صورة كلب ، كما إذا صنع صورة كلب من الملح ، فإذا ثبتت له النجاسة يرونها حكما حادثا.
وفي هذين الموردين لا مجال للاستصحاب كما هو ظاهر.
الثالث : أن لا يكون العنوان المأخوذ في الموضوع من قبيل الأول ليكون معرفا محضا ، ولا من قبيل الثاني ليكون واسطة في العروض ، بل كان وسطا بينهما