عرفا ، كالتغير في نجاسة الماء المتغير ، ولذا يشك في بقائها بعد زواله. وهذا هو مورد استصحاب الحكم تنجيزيا كان أو تعليقيا دون الصورتين الأوليين ، لعدم الشك في البقاء فيهما.
وبما ذكرناه ظهر ان المثال الّذي ذكروه للاستصحاب التعليقي ليس على ما ينبغي ، فان الحرمة اتفاقا ، والنجاسة على المعروف ، لم تترتب على العنب ، وإنما تترتب على عنوان العصير العنبي ، الّذي هو ظاهر في ماء نفس العنب الّذي عصر منه. وأما إذا جف العنب وذهب مائه لحرارة الهواء أو لغيره ثم طبخ بماء خارجي مثلا فعصر لا يكون عصيرة عصير العنب عرفا ، بل هو ماء الشرب ، فهو من قبيل الفرض الثاني ، الّذي لم يكن موردا للاستصحاب قطعا. كما ان حلية العنب وطهارته ثابتة للزبيب قطعا بنفس دليلها ، لأنها من قبيل الفرض الأول. فالمثال غير صحيح.
والحاصل : يعتبر في الاستصحاب اتحاد الموضوع وبقاؤه عرفا ، وإلّا فلا مجال لاستصحاب الحكم ، من غير فرق بين التعليقي والتنجيزي ، ولذا ناقشنا فيما مثلوا به للاستصحاب التعليقي من عصير الزبيب ، فان موضوع الحرمة بلحاظ النجاسة ليس هو العنب ، وإلّا لكان ثابتا للزبيب أيضا من غير حاجة إلى الاستصحاب ، كما ثبتت له الحلية والطهارة ، بل الموضوع لها عنوان عصير العنب ، وهو مغاير عرفا للماء الخارجي الّذي جعل فيه الزبيب فعصر. فلا مجال فيه للاستصحاب ، لتغاير الموضوعين حتى عرفا.
ثم هل يجري الاستصحاب في الحكم التعليقي أو لا يجري؟ في تحقيق ذلك نقول : الشك في بقاء الحكم الّذي هو مورد الاستصحاب يكون على أنحاء ثلاثة ، مع قطع النّظر عما ذكرناه من عدم جريانه في الأحكام الكلية :
أحدها : أن يشك في بقاء الجعل ، لاحتمال النسخ ، إذ ينحصر رافعه به. وهذا