مورد للاستصحاب مع بقاء الموضوع وعدمه ، فان الجعل غير متوقف على فعلية الموضوع ، لا حدوثا ولا بقاء ، فليس للشك في بقاء الجعل ارتباط بالموضوع أصلا.
ثانيها : أن يشك في بقاء المجعول. وهذا يتصور على قسمين ، فانه تارة : يشك فيه من جهة الشبهة الموضوعية ، كما إذا شك في زوال نجاسة شيء لاحتمال ملاقاته المطر ، فيستصحب عدمها ، ويترتب عليه بقاء نجاسته. وأخرى : يشك من جهة الشك في سعة المجعول وضيقه ، كما إذا شك في نجاسة الماء القليل المتمم كرا ، فانه يشك في النجاسة المجعولة له ، هل هي ضيقة مختصة بما إذا كان قليلا ، أو وسيعة ثابتة بعد زوال قلته وتتميمه كرا ، فيجري فيه الاستصحاب.
وهذه الموارد الثلاثة كلها مورد للاستصحاب إذا شك في الحكم التنجيزي ، مع قطع النّظر عما أنكرناه من استصحاب الحكم الكلي ، فهل ينطبق جميعها على الشك في الحكم التعليقي ، أو يجري فيه في بعض الصور دون بعض؟ فنقول :
أما المورد الأول : أعني ما إذا شك في بقاء الحكم التعليقي في مرحلة الجعل ، فيجري فيه استصحاب بقاء الجعل ، لما عرفت من عدم احتياج الجعل إلى فعلية الموضوع ، فإذا شك في بقاء حكمه بحرمة العصير إذا غلى وارتفاعه بالنسخ ، جرى فيه استصحاب بقاء الجعل. كما يجري الاستصحاب إذا شك في ارتفاع حرمة الخمر أو نجاسته بالنسخ. وكذلك يجري فيه الاستصحاب في الفرض الثاني ، أي ما إذا شك في بقاء الحكم التعليقي لشبهة موضوعية ، فانه إذا شك في بقاء خمرية مائع يستصحب بقائها ، وكما يترتب عليه حكمه التنجيزي أعني حرمة شربه ، يترتب عليه حكمه التعليقي كوجوب الحد على شاربه.
وإنما الكلام في تصوير التعليقي في المورد الثالث ، الّذي هو وسط بين الموردين الأولين ، أعني الشك في بقاء الحكم التعليقي المجعول ، للشك في سعته وضيقه.