منها انه يعتبر في الاستصحاب اتحاد القضيتين ، بأن يرد كل من اليقين والشك على قضية واحدة ، وإلّا فلا يصدق عنوان نقض اليقين بالشك ، وهذا مفقود في المقام ، فان المتيقن انما هو ثبوت الحكم لأهل تلك الشريعة في حكم الشريعة السابقة ، أو ثبوت الحكم لأهل الزمان السابق ، والمشكوك فيه ثبوته لأهل هذا العصر المعدومين في ذلك الزمان ، فالقضيتان غير متحدتين ، فلا يجري الاستصحاب.
وقد أجاب عنه الشيخ بوجهين (١) :
أحدهما : ان من أدرك الشريعتين أو الزمانين يكون متيقنا بالحكم الثابت في حقه ، فيستصحبه ، فيثبت له ذلك ، وبقاعدة الاشتراك في التكليف يثبت ذلك الحكم المستصحب لغيره ممن لم يدرك الزمانين.
وأورد عليه بأن قاعدة الاشتراك إنما تكون في الأحكام الواقعية الثابتة لعنوان المكلف من دون قيد ، فإذا سئل الراوي الإمام عليهالسلام عن حكم عمل راجع إلى نفسه ، فأجابه الإمام عليهالسلام يثبت لغيره بقاعدة الاشتراك في التكليف ، إلّا انه مختص بما إذا كان الحكم واقعيا وكان مدلول أمارة ناظرة إلى الواقع. وأما الأحكام الظاهرية الثابتة للشاك ، الشرعية أو الاستصحاب ، فهي وإن كانت مشتركة أيضا ، إلّا أنها مشتركة بين أفراد موضوعاتها ، أي الشاك في التكليف في البراءة ، ومن كان على يقين فشك في الاستصحاب ، ولا يعم من ليس داخلا في الموضوع ولم يثبت له يقين ولا شك ، كما لا يعم الحكم الثابت للحاضر المسافر بقاعدة الاشتراك ، وكذا العكس.
وعليه فلا معنى لإسراء الحكم الثابت لمدرك الشريعتين أو الزمانين الّذي تحقق له اليقين والشك إلى غيره ممن لم يتحقق له ذلك.
__________________
(١) فرائد الأصول : ٢ ـ ٦٥٥ ـ ٦٥٦ (ط. جامعة المدرسين).