المجعول فيها هي الطريقية. وما ذكره الميرزا (١) من ان المجعول في الاستصحاب هو الجري العملي على طبق اليقين السابق ، فيردهما : كونهما مخالفا لظاهر دليل الاستصحاب ، بل الجري العملي من آثار المجعول في باب الاستصحاب ، لأنه بنفسه مجعولا فيه ، فالمجعول في الاستصحاب على ما يساعده الأدلة هو التعبد ببقاء اليقين السابق ، ومن آثاره الجري العملي على طبقه.
وربما يفرق بين الأصول العملية والأمارات ، بأن الأصول العملية قد أخذ في موضوعها الشك والجهل بالواقع ، على ما هو ظاهر أدلته ، كقوله صلىاللهعليهوآلهوسلم «رفع ما لا يعلمون» (٢) و «لا تنقض اليقين بالشك» بخلاف الأمارات ، حيث ان موضوعها لم يقيد بذلك ، بل هو ذات المكلف ، كما يظهر من آية النبأ (٣) وقوله عليهالسلام «لا عذر لأحد في التشكيك فيما يرويه عنا ثقاتنا» فان موضوعه عنوان الأحد ، ومن ثم تتقدم عليها بالحكومة.
وفيه : أنه ليس فرقا في مرحلة الواقع والثبوت ، وإنما هو فرق من ناحية الإثبات والدليل ، إذ لا مناص من تقييد الموضوع في الأمارات بالشاك في الواقع. وذلك لما ذكرناه غير مرة من استحالة الإهمال النّفس الأمري ، بل لا بد وأن يكون الموضوع بالإضافة إلى انقساماته مطلقا أو مقيدا. وإطلاق موضوع دليل حجية الأمارات بالإضافة إلى فرض العلم بالواقع مستحيل ، لاستلزامه اجتماع الضدين ، أو التصويب الباطل ، وهكذا تقييده بخصوص العالم ، فيتعين تقييده بالجاهل. فلا معنى لما هو المعروف من ان الأمارات موردها الجهل بالواقع ولم يقيد به موضوعه ، بل أخذ الشك في الواقع في موضوع بعض أدلة اعتبار الأمارة في مقام الإثبات
__________________
(١) أجود التقريرات : ٢ ـ ٤١٦.
(٢) الخصال : ٢ ـ ٤١٧.
(٣) الحجرات : ٦.