من الانفكاك بينهما في ذلك. وكذا الحال في المتلازمين المعلولين لعلة ثالثة ، فان الملازمة بينهما واقعية فقط ، ولا مانع من التفكيك بينها في مقام التعبد. هذا كله في جلاء الواسطة.
وأما ما ذكره الشيخ من استثناء خفاء الواسطة ، أعني ما إذا كان أثر الواسطة أثرا لذي الواسطة عرفا ، لأن نظر العرف هو المتبع في الاستصحاب وتشخيص موضوعه ، وان لم يكن كذلك بالدقة ، وكان الأثر أثرا للواسطة حقيقة.
فتحقيق الكلام فيه : انّا ذكرنا غير مرة ان نظر العرف انما يكون متبعا في الشبهات المفهومية ، أي في ما إذا لم يعلم معنى اللفظ أصلا ، وفي الشك في الصدق ، أعني ما إذا شك في سعة المفهوم وضيقه ، والجامع باب الظهورات ، فان النّظر العرفي يكون متبعا فيها ، من غير فرق بين الظهورات الوضعيّة المستندة إلى المعنى اللغوي ، أو المستندة إلى قرائن حالية أو مقالية ، ومنها مناسبة الحكم والموضوع ، فإذا حكم العرف في مورد بظهور اللفظ في معنى يتبع ذلك ، ولذا يحمل الأحد في قولك : لا تضرب أحدا على الأحباء ، مع انه أعم منها ، لظهور الحكم أعني الضرب وانصرافه إلى المؤلم.
وأما إذا عرف المعنى ، ففي مقام التطبيق لا اعتبار بنظر العرف أصلا ، بل المتبع فيه هو النّظر الشخصي لكل أحد. مثلا بعد ما علمنا ان الكر سبعة أرطال مثلا ، فمسامحة العرف في التطبيق ، وإطلاق ذاك المقدار على الناقص منه بقليل لا يكون متبعا.
وفي المقام نقول : ان استظهر العرف من الدليل المثبت للأثر على الواسطة كونه أثرا لذيها ، ولو بمناسبة الحكم والموضوع ، فهو وإن كان يرتب على استصحاب ذي الواسطة ، إلّا أنه أثر له ، وليس من الأصل المثبت في شيء.