فلا إشكال في جريان الاستصحاب فيه إلى زمان حدوث الحادث الآخر ، المفروض تعينه ، فيترتب عليه الأثر.
وأما معلوم التاريخ إذا كان لعدمه في زمان حدوث الآخر أثر ، فمنع الشيخ والآخوند والميرزا جريانه (١) ففصلوا في المقام. واختلفوا في وجه المنع.
أما الآخوند فإنكاره مبني على ما بنى عليه في اعتبار اتصال زمان اليقين بالشك ، فان زمان الشك انما هو زمان حدوث مجهول التاريخ ، فان كان زمان حدوثه متصلا بزمان اليقين بعدم الحادثين فالاتصال ثابت ، وإلّا ففصل بينهما زمان لا محالة ، فالشبهة مصداقية.
والجواب عنه : ما أسلفناه من أنه لا يعتبر في الاستصحاب اتصال زمان المتيقن بالمشكوك واقعا في علم الله ، بل لا بد فيه من اتصالهما في مقام الإدراك والإحراز بتحقق يقين وشك فعلي ، متعلق بالحدوث والبقاء من دون تخلل اليقين بالخلاف في البين. وتردد زمان حدوث مجهول التاريخ هو الموجب للشك في وجود معلوم التاريخ في زمان حدوث الآخر وعدمه ، لا انه موجب لليقين بعدمه ولو احتمالا ، فهذا الوجه فاسد.
وأما ما ذكره الميرزا تبعا للشيخ فحاصله : ان الاستصحاب عبارة عن جرّ المتيقن السابق في عمود الزمان ، وليس في معلوم التاريخ شك من حيث الزمان ، بداهة اليقين بعدمه في زمان ، واليقين بحدوثه في زمان آخر.
والجواب عنه : يظهر مما تقدم ، لأنّا ذكرنا ان اليقين بانتقاض الحالة السابقة في شيء بعنوان لا ينافي الشك فيه بعنوان آخر ، وعدم جريان الاستصحاب في شيء من حيث الزمان ، لعدم تعلق الشك به من هذا الحيث ، لا ينافي جريانه فيه
__________________
(١) فرائد الأصول : ٢ ـ ٦٦٧ (ط. جامعة المدرسين). أجود التقريرات : ٢ ـ ٤٢٤. كفاية الأصول : ٢ ـ ٣٣٧.