فيحكم بالفعل المستمر ، كإيجاب صوم ستين يوم مستمرا ، فيكون الحكم واردا على الاستمرار.
وتوضيح ذلك : ان الأحكام تكون مركبة من أمور ثلاثة : نفس الحكم ، ومتعلقه وهو فعل المكلف ، وموضوعه وهو ما يتعلق به فعل المكلف من الأمور الخارجية. والموضوع غالبا يكون من قبيل الجواهر والأجسام الخارجية ، فلا يقيد بالزمان ، بل يكون الزمان ظرفا له على ما هو مقتضى طبعه. وأما المتعلق والحكم فيمكن تقييد كل منهما بالزمان ، فيمكن جعل الحكم المستمر ، كما يمكن جعل الحكم متعلقا بأمر مستمر. وفي الأول يكون الاستمرار واردا على الحكم. وفي الثاني يكون الحكم واردا على الاستمرار. والأول أي الحكم المستمر لا يمكن جعله بدليل واحد ، بل لا بد هناك من دليلين ، أحدهما : يتكفل إثبات أصل الحكم ، والآخر : يفيد استمراره ، لأن استمرار الشيء فرع ثبوته ، بخلاف الثاني ، أعني الحكم الوارد على المتعلق المستمر ، كوجوب صوم زمان مستمر ، فانه يمكن ان يتكفله الدليل الواحد. ثم جعل ذلك موردا للتفصيل بين الرجوع إلى عموم العام واستصحاب حكم المخصص.
والحاصل : ذكر الميرزا قدسسره ان الاستمرار تارة : يكون واردا على الحكم ، بأن يكون الحكم حكما مستمرا في عمود الزمان ، اما بنحو العام الاستغراقي ، أو بنحو العموم المجموعي. وأخرى : يكون الحكم واردا على الاستمرار ، بأن يكون متعلق الحكم مستمرا ، اما بنحو العام المجموعي ، أو الاستغراقي. ويفرق كل من القسمين عن الآخر من وجهين :
الأول : أن الحكم الوارد على الاستمرار يمكن ان يتكفله دليل واحد ، بأن يدل على أصله وعلى استمراره ، فان الحاكم الملتفت لا بد وان يلاحظ متعلق حكمه بما له من الشئون ، ومن حالاته كونه مستمرا أو غير مستمر ، فيمكنه ان يلاحظه