مستمرا ويعلق به حكمه. وهذا بخلاف ما إذا كان الاستمرار واردا على الحكم ، فانه لا يمكن أن يتكفل دليل واحد لإثبات أصله واستمراره ، لأنّ نسبة الحكم إلى الاستمرار نسبة الحكم إلى موضوعه ، ولا بدّ من كونه مفروض التحقق عند تعلقه به ، بل لا بد وان يدل دليل على ثبوت أصله في الجملة ، من دون أن يكون له إطلاق ، بل يكون له صورة إطلاق ، ثم يدل دليل آخر على استمراره ، كما هو الشأن في الاستصحاب الناظر إلى الاستمرار والبقاء ظاهرا ، فانه متفرع على قيام دليل على الحدوث.
الثاني : انه في الفرض الأول إذا ورد مخصص وأخرج فرد من افراد العام عن حكمه في زمان ، ثم شك بعده في ثبوت حكم الخاصّ ، يرجع إلى العموم من غير فرق بين كونه استغراقيا أو مجموعيا ، على ما هو مقتضى أصالة عدم التخصيص ، فان خروج فرد عن العام في زمان لا يستلزم خروج الفرد الآخر ، ولا خروجه في زمان آخر. ولا مجال لأن يقال : ان الحكم الواحد قد انقطع عن الفرد ، وعوده يحتاج إلى دليل آخر ، فان نفس الدليل العام كان متكفلا للشمول ، وقد خصص في زمان ، اما بدليل متصل أو منفصل ، فيكون حجة في غيره.
وهذا بخلاف الفرض الثاني ، فانه لا يمكن فيه الرجوع إلى العموم بعد ورود المخصص والشك في بقاء حكمه. أما عدم إمكان الرجوع إلى دليل أصل الحكم ، فلأنّ المفروض عدم كونه دالا إلّا على ثبوت أصل الحكم في الجملة ، فلا يستفاد منه ثبوت الحكم بعد انقطاعه بالمخصص. وأما عدم الرجوع إلى دليل الاستمرار ، فلأنّه فرع ثبوت أصل الحكم ، وهو أول الكلام ، ولذا لو شك في حرمة شرب التتن لا يمكن التمسك بقوله عليهالسلام «حلال محمد حلال إلى يوم القيامة» (١) لإثباتها وهو واضح. وحينئذ ان كان أركان استصحاب حكم المخصص تاما ، بأن كان
__________________
(١) الكافي : ١ ـ باب البدع والرّأي والمقاييس ، ح ١٩.