ثم ان المستصحب قد يكون موضوعا خارجيا. وقد يكون حكما شرعيا. وعلى الأول ، قد يكون المستصحب من المحمولات الأولية ، أعني الوجود المحمولي ومفاد كان التامة ، أو العدم المحمولي ومفاد ليس التامة ، ويعبر عنه بالمحمولات الأولية ، لأن كل ماهية إذا لوحظت يحمل عليها ابتداء أحد الأمرين من الوجود أو العدم ، لاستحالة ارتفاع النقيضين. وقد يكون المستصحب من المحمولات الثانوية ، والمراد بها ما يقابل الأولية ، أي ما يحمل على الشيء بعد حمل الوجود عليه ، ولو كان محمولا ثالثا أو رابعا ولم يمكن حمله إلّا بعد حمل أمور ثلاثة أو أربعة عليه ، كالأوصاف الاختيارية ، فانه لا يصلح حملها إلّا بعد حمل الوجود والشوق والاختيار وسائر مبادئ الإرادة عليه ، فلا يصح أن يقال : ان الإنسان يحرك إصبعه حين الكتابة إلّا بعد حمل الوجود ومبادئ الاختيار عليه ، وكل ذلك يعبر عنها بالمحمولات الثانية في مقابل المحمولات الأولية كالمعقولات الثانوية في مقابل المعقولات الأولية كالقيام أو العدالة ونحوها ، فان اتصاف الموضوع بها فرع وجوده.
أما إن كان المستصحب محمولا أوليا ، فلا معنى فيه لبقاء الموضوع خارجا ، إذ مع فرض بقائه كذلك لا شك ليستصحب ، بل لا بد وان يفرض نفس الماهية فيضاف إليها الوجود أو العدم. وأما الماهية الموجودة فلا معنى لاستصحاب وجودها أو عدمها كما هو واضح ، فيقال الماهية الشخصية كانت موجودة يقينا ، والشك في اتصافها به ، فيستصحب ، فالموضوع في هذا الفرض هو نفس الماهية ، لا الماهية المفروض وجودها.
وأما إن كان المستصحب من المحمولات الثانوية ، فالشك فيها يتصور على أقسام ثلاثة : لأنه تارة : يكون منشأ الشك في بقاء الوصف الشك في بقاء الموضوع ، كما إذا شككنا في عدالة زيد للشك في حياته ، بعد العلم بأنه لو كان حيا