ظاهره حرمة ما هو خمر بالفعل ، لا ما كان خمرا سابقا. وكذا ظاهر قوله صلىاللهعليهوآلهوسلم «رفع ما لا يعلمون» (١) رفع المجهول بالفعل ، لا ما كان مجهولا.
ومن هذا القبيل دليل المنع عن نقض اليقين بالشك ، أو المضي على طبق اليقين السابق ، فانه ظاهر في أمرين ، أحدهما : في اعتبار فعلية اليقين والشك ، ثانيهما : اتحاد متعلقي اليقين والشك من جميع الجهات ليصدق عنوان النقض والمضي. ولا يمكن التحفظ على كلا الظهورين ، لاستحالة تعلق الصفتين الفعليتين بشيء واحد ، فلا بد من رفع اليد عن أحدهما. إلّا ان الإمام عليهالسلام أسقط ظهوره في الاتحاد من جميع الجهات ، حيث طبقه عليهالسلام في صحيحة زرارة على ما إذا تعلق اليقين بالحدوث ، والشك بالبقاء ، حيث سأل الإمام عليهالسلام بقوله «فان حرك في جنبه شيء وهو لا يعلم» فيبقى ظهوره في فعلية اليقين والشك على حاله ، فلا يعم قاعدة اليقين ، لزوال الصفة فيها حين تحقق الشك وثبوت التعبد.
ولا ينافي ما ذكرناه من ظهور الأدلة في اليقين الفعلي قوله عليهالسلام في بعض الأخبار «من كان على يقين فشك» لعدم دلالة هذا التعبير على المضي ، بل هو نظير ما ورد في التقليد من قوله عليهالسلام «من كان من الفقهاء صائنا لنفسه ، حافظا لدينه» (٢) مع اعتبار فعلية تلك الصفات في التقليد بلا إشكال. ولذا لو فرضنا أن أحدا تيقن بشيء كعدالة زيد ، ثم شك فيه حدوثا وبقاء ، لا يمكن استصحاب بقاء عدالته ، لعدم فعلية الموضوع ، وهو اليقين بالحدوث. فكما لا تعم الأدلة الاستصحاب في الفرض ، لعدم فعلية الموضوع ، لا تعم القاعدة أيضا.
وبعبارة أخرى : إذا تيقن أحد بطهارة ماء أو مائية مائع ، فتوضأ به وصلى ، ثم شك في ذلك حدوثا وبقاء ، فبناء على جريان قاعدة اليقين يفصل بين الأعمال
__________________
(١) وسائل الشيعة : ١١ ـ باب ٥٦ من أبواب جهاد النّفس ، ح ١.
(٢) وسائل الشيعة : ج ٢٧ باب ١٠ من أبواب صفات القاضي ح ١٠ ص ١٣١ (ط. آل البيت).