السابقة التي أتى بها مع ذاك الوضوء في حال ثبوت اليقين ، وبين ما يريد ان يأتي به فعلا بعد حصول الشك ، فيحكم بصحة ما أتى به ، ولزوم الوضوء والتطهير لما يريد أن يأتي به. وذلك لأن قاعدة اليقين انما هي ناظرة الحدوث والتعبد بترتيب آثار اليقين حدوثا ، أي ما دام موجودا ، فلا يجب قضاء ذلك ، وليس لها نظر إلى مرحلة البقاء وحكم ما بعد الشك أصلا.
والاستصحاب أيضا غير جار ، لعدم فعلية اليقين. كما ان قاعدة الفراغ أيضا لا تجري في الوضوء وما هو من قبيله على ما سيتضح في محله. ولذا يفصل بين الأعمال كما عرفت. والسر في ذلك هو اعتبار فعلية اليقين. وعليه فلا مقتضي لشمول الأدلة لقاعدة اليقين أصلا.
وأما المانع : فهو انه يلزم من شمول الأدلة لهما عدم شموله كذلك ، وما يلزم من وجوده عدمه محال. وذلك لأن قاعدة اليقين ينافيها الاستصحاب في مورده إلّا نادرا. مثلا إذا تيقن بعدالة زيد يوم الجمعة ، ثم شك فيها حدوثا يوم السبت ، وقلنا بجريان قاعدة اليقين ، فمقتضاها التعبد بعدالته إلى يوم السبت ، مع ان مقتضى الاستصحاب عدم عدالته ، فان اليقين بالعدالة يوم الجمعة الزائلة مسبوق باليقين بعدم العدالة ولو أزلا ، فيجري فيه الاستصحاب ، إلّا في بعض الفروض النادرة ، التي لم يكن هناك يقين بالعدم سابقا حتى أزلا ، للعلم بتبدله. وهذا مانع عن شمول الأدلة لو فرض ثبوت المقتضي لهما.
ومن هنا نقول : شمول الأدلة للاستصحاب وقاعدة المقتضي والمانع أيضا ممنوع ، حتى مع قطع النّظر عما ذكرناه من عدم المقتضي لظهور الأدلة في اتحاد متعلق اليقين والشك ، المفقود في مورد القاعدة. وذلك لمعارضتها باستصحاب عدم تحقق المقتضى ـ بالفتح ـ كوصول الماء إلى البشرة إذا علم بالصب واحتمل وجود الحاجب.