فلا يمكن إحرازه بأصالة الصحة.
وعليه ففي العناوين القصدية لا مجال لجريانها فيما إذا شك في ان الفاعل قصد ذاك العنوان أو لم يقصده. مثلا إذا شك في ان المصلي قصد بفعله عنوان صلاة الظهر أو لم يقصده ، لا يمكن الحكم بذلك بأصالة الصحة ، لأن الشك في صدور أصل الفعل خارجا وعدمه. بل الحال كذلك في غير العناوين القصدية أيضا ، كالغسل الشرعي المزيل للنجاسة ، الّذي لا يعتبر في تحققه قصد الغسل ، فلا يكفي تحقق ذاته في جريان أصالة الصحة فيه عند الشك ، فإذا رأينا أحدا يغسل ثوبه ، ولم نعرف أنه في مقام الغسل الشرعي ، أي تطهير الثوب من النجاسة ، أو في مقام الغسل العرفي وإزالة الوسخ عنه ، لا يمكن إثبات الغسل الشرعي والحكم بطهارة الثوب بأصالة الصحة. بل انما تجري فيما إذا أحرزنا أنه في مقام التطهير ، وشككنا في أنه غسله بماء مطلق أو مضاف ، فيجري أصالة الصحة ، ويحكم بطهارة الثوب.
وبالجملة لا بد في جريانها من تحقق الفعل خارجا وإحراز قصد الفاعل لعنوان الفعل في العناوين القصدية ، بل في غيرها أيضا ، غايته اعتبار ذلك في العناوين القصدية أوضح.
والسر في ذلك ان دليل أصالة الصحة منحصر بالسيرة ، ولم يثبت بناء من العقلاء على الحكم بصحة وترتيب آثار العمل الصحيح فيما إذا شك في وجود العمل أو في قصد الفاعل لعنوانه القصدي أو غير القصدي.
ومن هنا ظهر الحال في النيابة فيما إذا أتى النائب بالعمل وشككنا في أنه قصد به وقوعه عن المنوب عنه أو لم يقصد ذلك ، فانه لا يمكن الحكم بفراغ ذمة المنوب عنه واستحقاق الأجير للأجرة وإحراز قصد النيابة بأصالة الصحة ، لأن الشك انما هو في أصل تحقق الفعل عن المنوب عنه خارجا ، وقد عرفت عدم جريان أصالة الصحة عند الشك في وجود العمل.