ولشيخنا الأنصاري في المقام كلام حاصله : التفصيل بين استحقاق النائب للأجرة وفراغ ذمة المنوب عنه ، بتقريب : ان الفعل الصادر نيابة عن الغير فيه حيثيتان. حيثية صدوره عن الفاعل ، ولذا يكون تابعا لما هو وظيفة الفاعل من بعض الجهات ، كالتستر في الصلاة ، فان النائب إذا كان رجلا لا يجب عليه إلّا ستر عورتيه وان كان المنوب عنه امرأة ، وكذا العكس ، وهكذا الجهر والإخفات ، فان الصلاة فيهما تابعة لما هو وظيفة الفاعل دون المنوب عنه. وحيثية كونه عن المنوب عنه ، ولهذا يتبع في بعض الأحكام وظيفة المنوب عنه ، كالقصر والتمام والترتيب ونحو ذلك.
وعليه تجري أصالة الصحة في العمل من الحيثية الأولى ، فيحكم بصحة فعل النائب بما هو فعله ، ويترتب عليه استحقاق الأجرة ، وان لم يترتب عليه فراغ ذمة المنوب عنه (١) ، انتهى.
ولا بد من عده من غرائب كلام الشيخ ، وذلك لأن مورد الإجارة لم يكن الفعل الصحيح مطلقا ، ولو لم يقصد به النيابة أصلا أو قصد به النيابة عن غير المنوب عنه. وانما مورد الإجارة هو الفعل الصادر بعنوان النيابة عن المنوب عنه بخصوصه ، فإذا فرضنا ان أصالة الصحة لا تثبت ذلك فبما ذا يستحق الأجرة. وان فرضنا انه يثبته ويكون الفعل صادرا عن المنوب عنه بحكم أصالة الصحة فلما ذا لا تفرغ ذمة المنوب عنه ، فان فراغ ذمته لا يتوقف على أكثر من ذلك.
والصحيح : كما عرفت ان أصالة الصحة غير جارية ، فلا يثبت استحقاق الأجرة للأجير ، ولا فراغ الذّمّة للمنوب عنه.
نعم إذا أحرز انه قصد النيابة وشك في صحة العمل من بقية الجهات جرى فيه أصالة الصحة ، وحكم بصحة العمل ، ويترتب عليها استحقاق الأجرة وفراغ
__________________
(١) فرائد الأصول : ٢ ـ ٧٢٧ ـ ٧٢٨ (ط. جامعة المدرسين).