الواقعية ، بل ظاهر حال المسلم إذا صار في مقام الإتيان بعمل أنه يأتي به على النحو الصحيح عنده وقد أمضاه الشارع.
وكيف كان فانّ عدم اعتبار مثبتات أصالة الصحة أمر واضح ، غير محتاج إلى الاستشهاد. إلّا ان شيخنا الأنصاري أوضح ذلك بأمثلة ثلاثة ، حكى اثنين منها عن العلّامة ، وأضاف هو قدسسره إليها فرعا ثالثا. وهو ما إذا علمنا بأن زيدا باع داره من شخص ، وشككنا في ان ثمنه كان خمرا أو خنزيرا أو ميتة أو نحوها مما لا يجوز المعاوضة عليه شرعا أو جعل ثمنه مائة دينار شخصي مثلا من مال المشتري ، فلا محالة يشك في صحة البيع وفساده ، إلّا أنه لا يمكن الحكم بخروج مائة دينار عن ملك المشتري وعدم كونه من تركته بعد موته بإجراء أصالة الصحة في البيع ، لأنه من لوازم صحة البيع عقلا (١).
وما أفاده وان كان متينا ، إلّا أن كلامه غير خال عن المسامحة ، فان ظاهره جريان أصالة الصحة في البيع وعدم ترتب لازمه العقلي.
ولكن الصحيح ان أصالة الصحة غير جارية في ذلك أصلا ، لأن إجرائها في البيع في الجملة لا يترتب عليها أثر. ووقوعه على مائة دينار مشكوك رأسا. وعلى الخمر أو الخنزير غير صحيح قطعا ، فلا مجال لأصالة الصحة.
وبعبارة أخرى : الشك في البيع في الفرض ناشئ من الشك في قابلية المورد لوقوع العقد عليه ، وقد عرفت عدم جريانها في ذلك.
وأما ما حكاهما عن العلّامة ، فأحدهما : انه إذا وقع الخلاف بين الموجر والمستأجر ، فقال الموجر : آجرتك الدار مثلا كل شهر بدرهم ، وقال المستأجر : آجرتني سنة بدينار. فانه قدسسره أي العلّامة بنى على ان الموجر يدعي البطلان ، لبنائه على ان الإجارة كل شهر بدينار فاسدة ، لعدم انضباط مدة الإجارة ، ومع ذلك
__________________
(١) فرائد الأصول : ٢ ـ ٧٢٨ (ط. جامعة المدرسين).