ثم النسبة بين دليل الدرهم والدينار وما دل على الضمان في عارية الذهب والفضة وان كانت عموم من وجه ، إلّا أن من المرجحات على ما سنبينه ان يكون تقديم أحد العامين من وجه على الآخر موجبا لتخصيصه بالفرد النادر ، فانه يستلزم تقديم الآخر عليه. والمقام كذلك ، فانه ان قدمنا دليل الدرهم والدينار على ما دل على ثبوت الضمان في الذهب والفضة وخصصناه بهما لزم تخصيصه بالفرد النادر ، لعدم تعارف عارية الدرهم والدينار ، بل هي غير ممكنة ، إذ لا يمكن الانتفاع بهما مع بقائهما ، ولذا لا يجوز وقفها ، بخلاف الحلي حيث يجوز فيها الوقف. وعلى تقدير تصوير ذلك أيضا كانت عاريتهما نادرة جدا ، فلا بد من العكس ، وتقديم دليل الضمان في عارية الذهب والفضة ، فيخصص به العام الفوق لا محالة.
المورد الثاني : ما إذا ورد عامان بينهما عموم من وجه ، وكان هناك خاص.
فتارة : يكون الخاصّ مخصصا لكلا العامين ، بأن يكون مخرجا للمجمع عن العامين. مثلا ورد أكرم العلماء ، وورد أيضا لا تكرم الفساق ، فالنسبة بينهما عموم من وجه ، ومورد اجتماعهما العالم الفاسق ، ثم ورد يكره إكرام العالم الفاسق ، فأخرجه عن تحت كلا العامين ، فحينئذ يرتفع التنافي بين المقامين.
وأخرى : يكون الخاصّ مخصصا لأحد العامين دون الآخر ، بأن يكون مخرجا عن تحته مورد الافتراق. كما إذا ورد يستحب إكرام العلماء ، وورد يكره إكرام الفساق ، وورد يجب إكرام العلماء العدول ، فحينئذ تنقلب النسبة بين العامين من العموم من وجه إلى العموم المطلق ، لأن العام كما عرفت نصّ في بعض افراده ، فبعد ما خرج عن تحته بعض الأفراد صار نصا في الباقي ، وصار أخص من العام الآخر ، فان العالم الفاسق أخص من الفاسق ، فيخصصه ، فهذا أحد موارد انقلاب النسبة.
وما ذكرناه انما هو فيما إذا اخرج الخاصّ تمام افراد مورد الافتراق عن تحت