أحد الخبرين يأمره والآخر ينهاه ، فلم يأمر فيها الإمام عليهالسلام بالأخذ بأحد الخبرين ، بل أمر بالتوقف عن ذلك بقوله «يرجه» أي يتوقف عن الفتوى ، وأما من حيث العمل فيتخير ، لكون المورد من دوران الأمر بين المحذورين. ولو كان التخيير في الأخذ بأحد الخبرين لم يكن لأمره بالإرجاء والتوقف وجه أصلا.
وأما ما أرسله في الكافي ، وفي رواية «بأيهما أخذت من باب التسليم وسعك» فلو لم يكن ناظرا إلى أحد الروايات فهي مرسلة لا يعتمد عليها.
ومنها : ما في الاحتجاج عن الصادق عليهالسلام «قال : إذا سمعت من أصحابك الحديث وكلهم ثقة فموسع عليك حتى ترى القائم فترد إليه» (١).
وفيه : مضافا إلى ضعف السند ، أنه أجنبي عن معارضة الأخبار. بل ظاهرها الأمر بالأخذ بقول الثقة حتى يتمكن من لقاء الإمام عليهالسلام فإذا لقاه لا بد عليه من عرض ما سمعه من الثقات عليه عليهالسلام.
ومنها : صحيحة علي بن مهزيار ، قال : قرأت في كتاب لعبد الله بن محمد إلى أبي الحسن عليهالسلام «اختلف أصحابنا في رواياتهم عن أبي عبد الله عليهالسلام في ركعتي الفجر في السفر ، فروى بعضهم صلّها في المحمل ، وروى بعضهم لا تصلّها إلّا على الأرض ، فوقع عليهالسلام موسع عليك بأية عملت» (٢).
وهي وإن كانت معتبرة من حيث السند ، إلّا انها واردة في ركعتي السفر ، والمراد بهما نافلتي الفجر ، كما أطلق هذا العنوان عليهما في كثير من الروايات. ولعل النكتة في السؤال عنهما دون بقية النوافل من جهة ان وقت السفر غالبا يكون مقارنا للفجر ، دون أوقات سائر النوافل.
وعلى كلّ بما ان مورد السؤال هي النافلة ، ويمكن الإتيان بها في المحمل ، بل
__________________
(١ ، ٢) وسائل الشيعة : ١٨ ـ باب ٩ من أبواب صفات القاضي ، ح ٤١ و ٤٤.