البعث نحو الشيء ، فكأنه مقتضى له.
وعليه فالتفصيل انما هو بينما إذا أحرز الملاك للبقاء وشك فيه لاحتمال المانع فيجري الاستصحاب ، وبينما إذا لم يحرز ذلك فلا يجري.
وفيه : أولا : ان لازمه اختصاص الاستصحاب بالأحكام التكليفية إذا بنينا على تبعيتها لمصالح أو مفاسد في متعلقاتها ، وعدم جريانه فيها على القول بتبعيتها لمصالح في نفس الجعل ، كما لا مجال لجريانه في الأحكام الوضعيّة مطلقا ، ولا في الموضوعات الخارجية كالعدالة ونحوها.
وثانيا : أنه إنكار للاستصحاب في الحقيقة ، إذ بأي طريق يحرز الملاك للبقاء في مورد وعدم الملاك في مورد آخر ، حتى أنكر الشيخ قدسسره جريانه إذا احتمل كون الخيار مبنيا على الفور ، مدعيا انه من الشك في المقتضي ، وأجراه إذا شك في لزوم المعاطاة عند فسخ أحد المتعاطيين ، ولذا أورد عليه السيد الطباطبائي بأنه أيضا من الشك في المقتضي. على انه مع العلم بالملاك أي حاجة إلى الاستصحاب. فهذه الاحتمالات كلها فاسدة.
والظاهر ان منشأ توهمها هو حمل اليقين في الصحيحة على المتيقن ، فتخيل ان المراد بالمقتضي في التفصيل هو مقتضي المتيقن بأحد الوجوه المزبورة.
ولكن الظاهر ان المراد باليقين والشك نفس الصفتين ، وعليه لا بد من حمل مراد الشيخ من المقتضي على مقتضي الاستصحاب ، والجري العملي على طبق اليقين السابق ، وان لم يكن ملائما لظاهر كلامه قدسسره ، فإذا كان المقتضي له موجودا جرى الاستصحاب ، وإلّا لم يجر.
توضيح ذلك : ان ما تعلق به اليقين من الأحكام والموضوعات تارة : يكون في نفسه أمرا مستمرا في عمود الزمان بحيث يبقى ما لم يرفعه رافع خارجي ، كالطهارة والنجاسة والملكية والزوجية الدائمية. وأخرى : يكون محدودا ، بحيث