والمتيقن ، فان علمه غير مسبوق بالتحير ولا بالفلول. كما ان هذا هو سرّ عدم صحة اسناد النقض إلى العلم والقطع ، فلا يقال : لا تنقض العلم بالجهل.
فالنقض في الصحيحة مسند إلى نفس اليقين لا المتيقن. إلّا ان المنع عن نقضه ليس بلحاظ آثاره ، إذ لا أثر لليقين السابق. كما انه لا ينطبق حينئذ على مورد الصحيحة ، مضافا إلى أنه لا معنى للنهي عن نقض اليقين تكوينا ، فانه منتقض على تقدير ، وباق على تقدير آخر ، فمع قطع النّظر عن الزمان وتقييد المتيقن بالحدوث اليقين باق ، وان قيد به فاليقين منتقض لا محالة ، فلا مناص من كون النهي عن نقض اليقين باعتبار الجري العملي على طبقه ، فان طريقيته ذاتية ، ولذا إذا علم الإنسان بالنفع في شيء يطلبه بطبعه ، كما إذا علم بالضرر يجتنبه ، فالمراد ترتيب هذا الأثر ، وفرض الشك كأن لم يكن.
وعليه فان كان اليقين مقتضيا للجري العملي على طبقه بقاء بحيث تعلق بأمر مستمر في عمود الزمان صح النهي عن نقضه بالشك. وأما إذا لم يكن في اليقين اقتضاء ذلك أصلا ، لقصوره ذاتا عن الجري العملي على طبقه حتى مع فرض عدم الشك من ناحية احتمال الرافع ، فليس رفع اليد عنه من نقض اليقين بالشك ليعمه النهي.
والحاصل نقض اليقين بالشك عبارة أخرى عن عدم الجري العملي على طبق اليقين السابق ، والنهي عنه لا يصح إلّا فيما إذا كان اليقين في نفسه مقتضيا للجري.
وربما يقال : ان دليل الاستصحاب غير منحصر بما هو مشتمل على عنوان نقض اليقين بالشك ، فيمكن التمسك في موارد الشك في المقتضي بإطلاق غيره ، كرواية عبد الله بن سنان الواردة فيمن أعار ثوبه للذمي فهل عليه أن يغسله «قال عليهالسلام : لا لأنك أعرته إياه وهو طاهر» (١) فعلّله بالطهارة السابقة المتيقنة دون
__________________
(١) تهذيب الأحكام : ٢ ـ ٣٦١.