تكون لذي الطريق ، مع كون التبيّن من المعاني الاسميّة. ولا يخفى أنّ المراد من المعاني الاسميّة هاهنا ما يقابل المعاني الحرفيّة ، فتشمل الفعل أيضا.
ولكن هذا الإشكال مدفوع بأنّ الموضوعيّة والأصالة هاهنا تكون للتبيّن ، فتبيّن الفجر ملاك الحكم بالامساك عن الأكل والشرب ، لا أنّه طريق لتحقّق الملاك وهو الفجر ، وذو الطريق بيان له ، وعبارة اخرى عنه ؛ إذ لا معنى للفجر بدون التبيّن كما قال به استاذنا السيّد الإمام ـ دام ظلّه ـ هذا أوّلا.
وثانيا : أنّه على فرض كون التبيّن طريقا للفجر لا يلزم أن يكون معناه أيضا طريقيّا ، بل لوحظ معناه استقلاليّا ، كما في جملة : «إذا قطعت بحياة ولدك فتصدّق» ، فإنّ كلمة «قطعت» من حيث المعنى لوحظت مستقلّة وإن كانت من حيث المتعلّق طريقا إلى وجوب التصدّق ، وهكذا فوقوع القطع الطريقي موضوعا للحكم دليل على أنّه لوحظ مستقلّا حين الاستعمال ، فالتبيّن وإن كان دخله في الحكم طريقيّا إلّا أنّه في مقام الاستعمال لوحظ مستقلّا.
وأشكل أيضا بأنّ المعاني الحرفيّة أيضا تكون مقصودة بالإفادة في كثير من الموارد ، كما في جملة : «زيد قائم» ؛ إذ المقصود من هذه الجملة الإخبار عن النسبة الموجودة بين الموضوع والمحمول ، مع أنّها من المعاني الحرفيّة ، وكما إذا كان ذات الموضوع والمحمول معلومين عند شخص ولكنّه جاهل بخصوصيّتهما فيسأل عنها.
مثلا : إذا كان مجيء زيد معلوما ، ولكن كانت كيفيّة مجيئه مجهولة عنده من حيث المعيّة والوحدة ، فيسأل عنها ، ثمّ يقال له : أنّه جاء مع عمرو ، فالمنظور والملحوظ بالاستقلال في الإفادة والاستفادة إنّما هو هذه الخصوصيّة التي هي من المعاني الحرفيّة ، بل الغالب في موارد الإفادة والاستفادة عند العرف النظر