الذهن لا يكشف عن تعدّد متعلّقهما في الخارج ، فإنّ الطبيعي عين فرده ومتّحد معه خارجا ، ومع ذلك يمكن أن يكون أحدهما متعلّقا لصفة اليقين ، والآخر متعلّقا لصفة الشكّ ، كما إذا علم إجمالا بوجود إنسان في الدار ، ولكن شكّ في أنّه «زيد» أو «عمرو» فلا يكشف تضادّهما عن تعدّد متعلّقيهما بحسب الوجود الخارجي ؛ لأنّهما موجودان بوجود واحد حقيقة ، وذلك الوجود الواحد من جهة انتسابه إلى الطبيعي متعلّق لليقين ، ومن جهة انتسابه إلى الفرد متعلّق للشكّ. وما نحن فيه من هذا القبيل ، فإنّ اليقين متعلّق بثبوت طبيعي العرض للجوهر ، والشكّ متعلّق بثبوت حصّة منه له ، فليس هنا وجودان أحدهما متعلّق لليقين والآخر للشكّ ، بل وجود واحد حقيقة ، مشكوك فيه من جهة ، ومتيقّن من جهة اخرى.
هذا ، ولكنّ التحقيق أنّ هذا الإشكال من غرائب كلامه ، فإنّ مراده قدسسره من التغاير في القضيتين المشكوكة والمتيقّنة ليس إلّا التغاير في الواقعيّة والحقيقة ، ولو كانت من حيث الوجود احداهما فانية في الاخرى ، ولا شكّ في أنّ هذا التغاير موجود بينهما.
توضيحه : أنّ القضيّتين المتيقّنة والمشكوكة إن كانتا من القضايا الخارجيّة فلا بدّ من أن يكون تغايرهما أيضا في الخارج ، وإن كانتا من القضايا الذهنيّة فلا بدّ من تغاير ذهني بينهما ، واليقين هنا متعلّق بوجود «زيد» والمدرسة ، والشكّ متعلّق بكون «زيد» في المدرسة ، ومعلوم أنّ متعلّقي الشكّ واليقين أمر خارجي ، فلا بدّ من كون تغايرهما أيضا في الخارج ، ولا معنى للتغاير الذهني هاهنا ، وقد تحقّق سابقا أنّ كون «زيد» في المدرسة واقعيّة ثالثة في قبال وجود «زيد» والمدرسة.