والتمثيل المذكور في كلامه أيضا غير صحيح ، فإنّ وجود «زيد» في المدرسة أو في الدار ـ مثلا ـ وإن كانت في الابتداء قضيّة واحدة ، ولكنّها تنحلّ إلى قضايا متعدّدة ، فإنّ معنى وجود «زيد» في الدار أنّه الجسم في الدار ، والجسم النامي في الدار ، والحيوان في الدار ، والإنسان في الدار ، والإنسان المتخصّص بخصوصيّات زيديّة في الدار ، ولا شكّ في أنّه لكلّ مرحلة منها واقعيّة وحقيقة. ويمكن أن تقع كلّ مرحلة منها موردا للعلم والجهل أو اليقين والشكّ ، وإن كانت جميعها متّحدة من حيث الوجود خارجا ، إذ ليس البحث هنا في تعدّد الوجود أو تغايره ، بل البحث في تعدّد الواقعيّة ، وهو موجود بلا ريب ، فيمكن أن يكون وجود الإنسان في الدار واقعيّة متيقّنة ، ووجود «زيد» في الدار واقعيّة مشكوكة ، فهذا الإشكال مردود.
والإشكال الثاني : أنّه على تقدير تسليم أنّ للنسبة والروابط وجودا في الخارج في مقابل الجوهر والعرض ولكن لا نسلّم وضع الحروف والأدوات لها ؛ لما بيّناه سابقا من أنّ الألفاظ موضوعة لذوات المفاهيم والماهيّات ، لا للموجودات الخارجيّة ولا الذهنيّة ؛ إذ الاولى غير قابلة للإحضار في الذهن وإلّا لم تكن بخارجيّة ، والثانية غير قابلة للإحضار ثانيا ، فإنّ الموجود الذهني لا يقبل وجودا ذهنيّا آخر ، فلا بدّ من أن يكون الوضع لذات المعنى القابل للنحوين من الوجود : الذهني والخارجي.
وبناء على ذلك لا يمكن أن تكون الحروف موضوعة لأنحاء النسب والروابط ؛ لأنّها ـ كما عرفت ـ سنخ وجود لا ماهيّة لها ، فلا تكون قابلة للإحضار في الذهن.
ولكنّ هذا الإشكال : أوّلا : أنّه منقوض بالوضع الخاصّ والموضوع له