الوجود للإنسان ممكن ، ولله تعالى ضروري ولشريك الباري مستحيل ؛ لأنّ حرف اللام في جميع ذلك يستعمل في معنى واحد ، وهو تخصيص مدخوله بخصوصيّة ما في عالم المعنى على نسق واحد بلا عناية في شيء منها ، مع أنّه في الأوّل يوجب الارتباط ؛ إذ الإنسان عارض الوجود ومغاير له ، وأمّا في الثاني والثالث فلا معنى له بعد عينيّة الوجود مع الله تعالى في الثاني واستحالة الارتباط في الثالث ، فصحّة استعمال الحروف في هذه الموارد تكشف كشفا يقينيّا عن أنّ الحروف لم توضع لأنحاء النسب والروابط في الخارج.
وهذا الإشكال أيضا مدفوع بأنّ الوجود للإنسان ممكن ، فصورة القضيّة وحقيقتها بعد الدقّة العقليّة عبارة عن أنّ الوجود الإمكاني للإنسان ، وهذا لا شبهة فيه.
وحقيقة القضيّة الثانية أنّ الوجود الضروري لله تعالى ، ومعلوم أنّ الارتباط موجود هاهنا ؛ إذ العينيّة تتحقّق بين الله تعالى والوجود ، لا بينه تعالى وضروري الوجود.
وهكذا في القضيّة الثالثة فإنّ حقيقتها أنّ الوجود الممتنع لشريك الباري ، وبينهما نسبة محقّقة واقعيّة بحسب الأدلّة التوحيديّة ؛ إذ لا بدّ في مقام المقايسة بينهما من المقايسة بين امتناع الوجود وشريك الباري ، لا بين الوجود وشريك الباري ، وفي المثال الثاني بين الله تعالى وضرورة الوجود ، لا بينه تعالى والوجود. فهذا الإشكال أيضا في غير محلّه.
القول الخامس : ما اختاره بعض الأعلام على ما في كتاب المحاضرات (١) وهو : أنّ المعاني الحرفيّة تباين المعاني الاسميّة بتمام الذات.
__________________
(١) محاضرات في اصول الفقه ١ : ٧٥ ـ ٨٢.