باب الوضع من أنّ حقيقة الوضع : هي التعهّد والتباني ، ينتج الالتزام بذلك القول لا محالة ، السبب الرابع : موافقة ذلك للوجدان ومطابقته لما ارتكز في الأذهان. هذا ملخص كلامهقدسسره.
ولكنّ التحقيق : أنّ هذا القول لا يمكن المساعدة عليه كما عرفت من كلماتنا إجمالا ، وأمّا الأسباب الأربعة المذكورة فلا توجب التمسّك بهذا القول ، فإنّك عرفت الجواب عن ثلاثة منها ولا نطيل الكلام هاهنا.
وأمّا السبب الرابع فلا بدّ من الجواب عنه ، وهو : أنّه لا معنى لتضييق المعاني الاسميّة بالحروف في الجملات الخبريّة ؛ إذ المتكلّم فيها يحكي عن الواقع كما هو بلا نقص وزيادة ، مثل جملة : «زيد في المدرسة» ، فهي تحكي عن الواقعة المتحقّقة في الخارج بدون إضافة المتكلّم تضييقا لها.
نعم ، سلّمناه في الجملات الإنشائيّة ، وأنّ المولى يرى حصّة خاصّة من الصلاة معراج المؤمن ـ مثلا ـ فلذا يقول : «صلّ في المسجد» ، ولا شكّ في أنّ للحصّة الخاصّة واقعيّة وحقيقة توجب انطباق الماهيّة المطلقة للصلاة عليها ، وكما أنّ الصلاة لا تتحقّق إلّا بإيجادها خارجا كذلك الصلاة في المسجد لا تتحقّق إلّا بإيجادها في المسجد ، واعلم أنّ الحروف مبيّنة ومشخّصة لهذه الخصوصيّة الواقعيّة ، ولا ربط للتقيّد بعالم المفهوم ومقام الدلالة والإثبات ، مثل أن يقول المولى : «الصلاة في المسجد تكون مطلوبة لي» بصورة الجملة الخبريّة ، وكذا الحروف في الجملات الإنشائيّة حاكية عن حصّة خاصّة ، هذا أوّلا.
وثانيا : أنّه ليس للتضييق معنى واحد ، بل هو على أنواع مختلفة ؛ إذ التضييق الابتدائي غير التضييق الانتهائي ، وهكذا ، ولا نعلم أنّ مراده أيّ نوع منها.
وثالثا : أنّ التضييق فعل المتكلّم ، ومعنى وضع الحروف له وضعها لعمل