ثمّ قال : لا يبعد دعوى أنّه كما أنّ ألفاظ العبادات موضوعة لخصوص الصحيحة فكذلك ألفاظ المعاملات موضوعة لخصوص الصحيحة ، وأنّ الموضوع له هو العقد المؤثّر لأثر كذا شرعا وعرفا.
ولكن ربما يقال : إنّ بين العبادات والمعاملات فرقا واضحا ، فإنّ كلّا من الصحّة والفساد في العبادات منوط بنظر الشارع ، ولا دخل لنظر العقلاء فيهما هاهنا ، بخلاف المعاملات فإنّها بلحاظ شيوعها بين العقلاء وكثرة ابتلائهم فيها قد يقع الاختلاف بين الشرع والعرف في بعض الموارد ، كالبيع الربوي ، فإنّه صحيح بنظر العرف والعقلاء وفاسد بنظر الشرع ، وهكذا في سائر العقود ، فإذا قلنا : إنّ الموضوع له لألفاظ المعاملات هو خصوص الصحيحة فالمقصود من الصحيحة هي الصحيحة عند العرف أو الشرع؟
وقال المحقّق الخراساني قدسسره (١) في مقام الإجابة : بأنّ هذا الاختلاف بين الشارع والعقلاء لا يرجع إلى الاختلاف في معنى الصحيح ، بل يكون الاختلاف في محقّق الصحيح ومصداقه ، وكلاهما قائل بأنّ البيع ـ مثلا ـ هو العقد المؤثّر في الملكيّة ، إلّا أنّ العرف قد يشتبه في تطبيق الصحيح الذي هو الموضوع له على ما لا يكون مؤثّرا واقعا ، والشارع يخطي العرف فيما يراه صحيحا وينبّهه على خطائه ، فلا يرجع هذا الاختلاف إلى الاختلاف في المعنى.
ولكن أشكل عليه استاذنا السيّد الإمام ـ دام ظلّه ـ (٢) بأنّ كيفيّة دخالة عنوان الصحيح في الموضوع له بأيّ نحو كان يوجب الإشكال ، فإنّه لو قلنا
__________________
(١) المصدر السابق.
(٢) تهذيب الاصول ١ : ٨٧ ـ ٨٨.