ولكنّه لا يخلو من إشكال ، فإنّ المحقّق الخراساني قدسسره لم يقل بدخالة مفهوم الصحيح بالحمل الأوّلي في معنى البيع ؛ إذ لو قال : بأنّ البيع هو العقد الصحيح والإجارة هو العقد الصحيح والنكاح هو العقد الصحيح ، فما الفرق بين البيع والإجارة والنكاح؟ بل يمكن أن يقال : إنّ لعنوان الصحيح ـ كعنوان الجنس ـ أنواعا متعدّدة ، منها البيع الصحيح بمعنى العقد المؤثّر في ملكيّة العين ، ومنها : الإجارة الصحيحة وهو العقد المؤثّر في ملكيّة المنفعة ، ومنها : النكاح الصحيح وهو العقد المؤثّر في الزوجيّة ، وجميعها عناوين كلّيّة من حيث الوضع والموضوع ، ولا شكّ في انتقال الذهن من استماع كلمة البيع أو الإجارة أو النكاح إلى العقد المؤثّر في ملكيّة العين أو في ملكيّة المنفعة أو في الزوجيّة.
وبالنتيجة يندفع بهذا البيان الإشكالان ؛ لأنّ هذا العنوان : أوّلا : عامّ من حيث الوضع والموضوع له ، مع أنّه لا ينطبق إلّا على العقود الصحيحة. وثانيا : يوجب اندفاع إشكال الاختلاف بين الشرع والعرف ، بأنّ الاختلاف بينهما يكون في المصاديق لا في أصل المعنى ؛ إذ الشارع والعقلاء متّفقان على أنّ البيع هو العقد المؤثّر في ملكيّة العين ، ولكنّ الاختلاف كان في تطبيق هذا العنوان على المصاديق كالبيع الربوي ـ مثلا ـ فإنّ الشارع قائل بعدم تأثيره في ملكيّة العين ، وأمّا العقلاء فقائلون بتأثيره فيها. وقد ظهر إلى هنا أنّ صاحب الكفاية قائل في ألفاظ المعاملات ـ كالعبادات ـ بأنّها وضعت لخصوص الصحيحة وإطلاقها في الفاسدة يكون على نحو المجاز.
ولكنّ التحقيق في المسألة : أنّ ألفاظ المعاملات : أوّلا : لم توضع للأسباب ، بل الموضوع له فيها هي المسبّبات ، فإنّ المتبادر من لفظ البيع أنّه أمر ليس من مقولة اللفظ ، بل هو أمر من مقولة المعنى كتبادر الماهيّة ، والمعنى