والإنصاف أنّ هذا بعيد من كلام صاحب الفصول بمراحل ، فإنّه في مقام جواب أهل المعقول وبيان الفرق بين المشتقّ ومبدئه ، قال (١) : «حمل البياض على الجسم يحتاج إلى اعتبار التركيب ، بخلاف حمل الأبيض عليه ، فإنّه وكذا سائر المشتقّات يحمل عليه بدون الاعتبار كما لا يخفى ؛ إذ الأبيض مع الجسم متّحد حقيقة.
ولعلّ منشأ توهّم المحقّق الخراساني قدسسره تمثيل صاحب الفصول للمغايرة الوجوديّة بقوله : «الإنسان جسم» ؛ إذ لا مغايرة بينهما أصلا ، بل هما متّحدان من حيث الوجود.
وأمّا إشكاله الثاني على صاحب الفصول فوارد عليه ، وهو : أنّ ملاحظة التركيب واعتبار المجموع أمرا واحدا منحلّ بالحمل ؛ لاستلزامه المغايرة بين الموضوع والمحمول بالجزئيّة والكلّيّة ، فهذا الحمل نظير حمل الأجزاء على الكلّ ، والجزء بما هو جزء آب عن الحمل على الكلّ وعلى جزء آخر ، فلا يصحّ هذا الحمل ؛ لمغايرة الجزء للكلّ وعدم الاتّحاد المصحّح للحمل بينهما.
وأمّا الإشكال المهمّ فهو : أنّ القضيّة الحمليّة ما تحكي وتخبر عن الواقعيّة الخارجيّة وتلقي الواقعيّة إلى السامع بدون زيادة ونقيصة ، ففي الواقع وإن كان وجود العرض ـ كالبياض ـ مغايرا لوجود الجوهر ـ كالجسم ـ إلّا أنّ في مقام الحمل يحمل الأبيض على الجسم ، ومعناه على القول بالتركيب في معنى المشتقّ عبارة عن شيء له البياض ، ولا شكّ في أنّه لا مغايرة بين الجسم وشيء له البياض ، بل تحقّق بينهما اتّحاد وهوهويّة ، وإذا كان الأمر بحسب الواقع كذلك وفي مقام الإخبار أيضا تلقى الصورة الواقعيّة طابق النعل بالنعل ، فالقضيّة
__________________
(١) المصدر السابق.