على أنّه لا دليل لأخذ الأهمّيّة في معنى الأمر ، بحيث يكون استعماله فيما لا أهمّيّة له مجازا ؛ إذ لا فرق في استعماله فيه واستعماله فيما له أهمّيّة في الجملة ، ومن هنا صحّ تقسيم الأمر إلى المهمّ وغير المهمّ ، ولو كانت الأهمّيّة داخلة في معناه لكان هذا تناقضا.
أمّا المحقّق الخراساني قدسسره (١) بعد القول بأنّه لا يبعد دعوى كونه حقيقة في الطلب في الجملة والشيء بحسب العرف واللغة ، وبعد ذكر المعنى الاصطلاحي له قال : إنّما المهمّ بيان ما هو معناه عرفا ولغة ليحمل عليه فيما إذا ورد بلا قرينة ، وقد استعمل في غير واحد من المعاني في الكتاب والسنّة ، ولا حجّة على أنّه على نحو الاشتراك اللفظي أو المعنوي أو الحقيقة والمجاز ، وما ذكر في الترجيح عند تعارض هذه الأحوال لو سلّم ولم يعارض بمثله لا دليل على الترجيح به ، فلا بدّ عند التعارض من الرجوع إلى الأصل في مقام العمل.
نعم ، لو علم ظهوره في أحد معانيه ولو احتمل أنّه كان للانسباق من الإطلاق فليحمل عليه ، وإن لم يعلم أنّه حقيقة فيه بالخصوص أو فيما يعمّه ، كما لا يبعد أن يكون كذلك ـ أي ظاهرا ـ في المعنى الأوّل ، وهو الطلب.
ومن المعلوم أنّ هذا رجوع عمّا قال به في صدر كلامه من كونه حقيقة في الطلب في الجملة والشيء.
وأمّا استاذنا السيّد الإمام قدسسره (٢) فبعد مناقشته الاشتراك اللفظي والمعنوي قال : الظاهر ـ كما هو مقتضى التبادر ـ من قولنا : «أمر فلان زيدا» أنّ مادّته موضوعة لجامع اسمي بين هيئات الصيغ الخاصّة بمالها من المعنى ، لا الطلب
__________________
(١) كفاية الاصول ١ : ٩٠.
(٢) مناهج الوصول إلى علم الاصول ١ : ٢٣٧ ـ ٢٣٨.