والاصطلاحي هو الطلب بالقول المخصوص ، فكلاهما اشتقاقي.
وفيه : أنّه لا نحتاج إلى معنى اصطلاحي مغاير للمعنى اللغوي هاهنا ، وأمّا استدلاله فمردود بأنّه من البديهي أنّ الإجماع المنقول ليس بحجّة ، فكيف نعتمد عليه في إثبات المعني الاصطلاحي؟! ويؤيّده ما نرى في الخارج وإطلاق لفظ الأمر في المحافل والمجالس بمعنى واحد ، وفهم الكلّ منه معنى واحدا.
ولذا قال الإمام قدسسره (١) : إنّه لا يبعد أن يكون المعنى الاصطلاحي مساوقا للمعنى اللغوي ، أي لا يكون له اصطلاح خاصّ.
ومحصّل كلامه قدسسره أنّ ما قال به صاحب الكفاية قدسسره بكونه معنى اصطلاحيّا ـ أي القول المخصوص وهو المعنى اللّغوي أيضا ـ بأنّ مادّة الأمر موضوعة لمفهوم اسمي منتزع من الهيئات بمالها من المعاني ، بمعنى أنّ الموضوع جامع للهيئات المستعملة في معانيها لا نفس الهيئات ولو استعملت لغوا أو مجازا في غير معناها ، ومن المعلوم أنّ للهيئة معنى حرفيّا ، إلّا أنّه قد يكون للإخبار والإخطار ، وقد يكون للإنشاء والإيجاد ، كحرف النداء فإنّه وضع لإيجاد النداء ، وهكذا حرف القسم.
وأمّا الهيئات بلحاظ أنّها للإنشاء وإيجاد الطلب فكان لها مفهوم حرفي داخل تحت مفهوم اسمي ، وهو نفس هيئة «افعل» وما يشابهها من الثلاثي المزيد ، والرباعي المجرّد والمزيد ، فإنّه كان لنفس هيئة «افعل» مثل لفظ الابتداء معنى اسمي ، ولمصاديقها معنى حرفي ، فمعنى الأمر لغة واصطلاحا مفهوم اسمي مشترك بين الهيئات التي كانت لها معاني حرفيّة إيجاديّة.
فحينئذ يرد عليه الإشكال المذكور أيضا بشدّته ، ولكنّه قدسسره أجاب عنه : بأنّ
__________________
(١) مناهج الوصول إلى علم الاصول ١ : ٢٣٨.