نفسه باللفظ ، فنحن نقول بالوجود الإنشائي في هذه المرحلة ، وأنّ البيع الذي اعتبره البائع في نفسه يوجد بلفظ «بعت» ، ولكنّه ربّما يكون منشأ لاعتبار الشارع والعقلاء ، وربّما لا يكون منشأ لاعتبارهما كالمعاملة الفاسدة عندهما ، فيتحقّق الوجود الإنشائي فيها أيضا ، ولكن لا يترتّب عليها الأثر المقصود عند العقلاء والشارع.
وثالثا : لا نسلّم أن تكون الألفاظ بعنوان الأمارة والمبرز لما تحقّق في النفس ، بل يتحقّق البيع ونحوه بنفس اللفظ ، ولا يكون ما اعتبره البائع في نفسه بيعا ، ويشهد له الوجدان والعقلاء من المتشرّعة ، وغيره.
على أنّ الأمارة لا موضوعيّة لها ، بل هي طريق وكاشفة عن الواقع للشاكّ ، فإذا علم أنّ الزوجة في نفسها اعتبرت الزوجيّة فهل يمكن الالتزام بأنّه قد تحقّقت الزوجيّة ولا احتياج إلى اللفظ المبرز؟ فالتحقيق أنّ الامور الاعتباريّة وبعض المفاهيم ـ مثل الطلب ـ يوجد بالقول ، ونسمّي هذا الإيجاد بالوجود الإنشائي ، كما قال به المشهور.
والمحقّق الخراساني قدسسره (١) بعد القول بأنّ المراد من الطلب الذي يكون معنى الأمر هو الطلب الإنشائي لا الطلب الحقيقي ، قال : ولو أبيت إلّا عن كونه موضوعا للطلب ـ أي الجامع بين الحقيقي والإنشائي ـ فلا أقلّ من كونه منصرفا إلى الإنشائي منه عند إطلاقه كما هو الحال في لفظ الطلب أيضا ، وذلك لكثرة الاستعمال في الطلب الإنشائي ، كما أنّ الأمر في لفظ الإرادة على عكس لفظ الطلب ، والمنصرف منها عند إطلاقهما هي الإرادة الحقيقيّة ، واختلافهما في ذلك ألجأ بعض أصحابنا إلى الميل إلى ما ذهب إليه الأشاعرة من المغايرة بين
__________________
(١) كفاية الاصول ١ : ٩٣.