أصلاب أبي موسى الأشعري المعروف ، وهو كان مجدّا في إشاعة نظريّات استاذه ، ومشوّقا للناس إلى الاشتراك في جلسته ومجلس درسه ، ولذا سمّي هو وأتباعه بالأشاعرة ، وكان لكلّ منهما نظرا مخالفا للآخر في أكثر المسائل.
وأوّل ما اختلف فيه الفريقان كان عبارة من أنّ القرآن الكريم قديم أو حادث ، ومنشأ هذا الاختلاف هو إطلاق عنوان كلام الله عليه بين المتشرّعة من صدر الإسلام إلى الآن.
على أنّه نسب إليه تعالى في بعض آيات القرآن أيضا عنوان التكلّم والتكليم ، مثل قوله تعالى : (وَكَلَّمَ اللهُ مُوسى تَكْلِيماً)(١) ، ويستفاد من ذلك أنّ إطلاق المتكلّم عليه تعالى لا ينافي مع الشرع والقرآن ، كما أنّه صحيح عند كلا الفريقين.
ثمّ إنّ أوصافه تعالى على نوعين :
أحدهما : ما يعبّر عنه بالأوصاف الذاتيّة ، وهي قائمة بذاته الواجبة ، وقديمة بقدمها ، وثبوتها للذات لا يحتاج إلى شأن خاصّ وشخص خاصّ وحالة مخصوصة ، كالعلم والقدرة والحياة ، فإنّها من الصفات الذاتيّة التي لا يحتاج ثبوتها إلى شيء من الأشياء ، ولذا نقول : (أَنَّ اللهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ ، * إِنَّ اللهَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ).
وثانيهما : ما يعبّر عنه بالأوصاف الفعليّة ، وهي تختلف بالنسبة إلى الحالات والموارد والأشخاص والأزمنة ، مثل صفة الخالقيّة والرازقيّة وأمثالها ، فإنّه تعالى قادر على كلّ شيء ، ولكنّ كلّ مقدور لا يتحقّق ولا يصدر عنه في مقام العمل ، فلذا يقول : (وَاللهُ فَضَّلَ بَعْضَكُمْ عَلى بَعْضٍ فِي
__________________
(١) النساء : ١٦٤.