الرِّزْقِ)(١) ، فهذه الأوصاف تكون حادثة ، فإنّ زيدا ـ مثلا ـ خلق اليوم مع أنّه لم يخلق في الأمس.
ثمّ اختلفت الأشاعرة والمعتزلة في أنّ صفة التكلّم هل تكون من صفاته الذاتيّة أو من صفاته الفعليّة ، وذهبت المعتزلة إلى أنّ إطلاق المتكلّم على الله تعالى يكون بنحو إطلاقه على الإنسان ، بأنّ كلام الإنسان حين التكلّم عبارة عن إيجاد المتكلّم أصواتا متدرّجة ، وكلّ صوت متكئ على مخرج من مخارج الفم ومقطع من مقاطعه ، ويستمعها المخاطب أيضا متدرّجة ، وهكذا كلامه تعالى ، إلّا أنّ الله تعالى بلحاظ تجرّده وعدم كونه جسما يوجد الأصوات في موجود آخر بنحو التدريج والتدرّج ، مثل إيجاده تعالى الأصوات في الشجرة ، وقوله بعده : (وَكَلَّمَ اللهُ مُوسى تَكْلِيماً) ، ومثل إيجاده تعالى الأصوات في الحصاة وشهادته برسالة رسول الله صلىاللهعليهوآله حين هبوطه على جبل حراء ، فلا فرق بين كلامه تعالى وكلام الإنسان من حيث الماهيّة والكيفيّة ، وهذا موافق لنظر المتكلّمين من الإماميّة ، فتكون صفة التكلّم على هذا القول من صفاته الفعليّة ومن الامور الحادثة.
وذهبت الأشاعرة إلى أنّ كلامه تعالى من الصفات الذاتيّة ، وقائم بذاته الواجبة وقديم بقدمه تعالى ، مثل العلم والحياة والقدرة وأمثال ذلك ، ولأجل ذلك قد اضطرّوا إلى الالتزام بأنّه كانت لذاته تعالى صفة وواقعيّة باسم الكلام النفسي ، أي ما وراء الكلام اللفظي ، فالقرآن هو الكلام النفسي القائم بالذات بالقيام الحلولي. فكما أنّه يطلق العالم عليه تعالى مع كونه من صفاته الذاتيّة والقديمة كذلك يطلق على الإنسان ، مع أنّ علمه محدود وحادث، وهكذا القادر
__________________
(١) النحل : ٧١.