ومنها : أنّهم يقولون : إنّ موضوع علم النحو هو الكلمة والكلام من حيث الإعراب والبناء ، وموضوع علم الصرف هو الكلمة والكلام من حيث الصحّة والإعلال ، ولو كان مرادهم الجامع الجنسي فلا بدّ من جعلهم الكلمة والكلام لكليهما موضوعا ، فلا احتياج إلى جعلهم لكلّ واحد منهما نوعا من الكلمة والكلام موضوعا ، فالمراد من الجامع عندهم الجامع النوعي ، ومعناه أنّه يشمل جميع أفراده بتمامه.
إذا عرفت هاتين المقدّمتين فنقول : إنّ مجرّد ذكر عنوان الجامع لا يوجب حلّ المسألة هاهنا ، بل لا بدّ من أن يكون الجامع نوعيّا ، ولا شكّ في أنّ انتزاعه لا يمكن في صورة مشكوكيّة عدّة من المسائل ، فإنّا لو فرضنا ـ مثلا ـ لعلم النحو ألف مسألة مسلّمة وعشرة مسائل مشكوكة ، فمن أين ينتزع الجامع؟ إن انتزع من ألف مسألة معلومة يمكن أن يكون هذا الجامع صنفا والمسائل المشكوكة صنفا آخر لها ، ولا معنى لانتزاعه من المسائل المشكوكة وغيرها ، فإنّ اللازم عدم شمول الجامع النوعي غير أفراد مسائله. وكيف كان ، فالجامع لا يكون موجبا للتمايز.
ولا يخفى أنّ هذا الإشكال وسابقه غير قابلين للدفع.
والنظر الآخر في المسألة ما عن بعض الأعلام على ما في المحاضرات (١) وهو بعد نقل كلام المشهور وكلام صاحب الكفاية في المقام قال : والتحقيق في المقام أن يقال : إنّ إطلاق كلّ من القولين ليس في محلّه ، وبيان ذلك : أنّ التمايز في العلوم تارة يراد به التمايز في مقام التعليم والتعلّم لكي يقتدر المتعلّم ويتمكّن من تمييز كلّ مسألة ترد عليه ، ويعرف بأنّها مسألة اصوليّة أو مسألة فقهيّة
__________________
(١) محاضرات في اصول الفقه ١ : ٢٦ ـ ٢٨.