قال الإمام ـ دام ظلّه ـ (١) : أنّ هذا التعريف أسوأ التعاريف المتداولة ، ثمّ أورد عليه إشكالين : الأوّل : أنّ بعد عدم صحّة التعبير بالصناعة في مثل هذه العلوم لا ينطبق هذا التعريف إلّا على مبادئ المسائل ؛ لأنّ ما يعرف به القواعد الكذائية هو مبادئ المسائل ، ولم يذهب أحد إلى أنّ علم الاصول هو المبادئ فقط ، بل هو إمّا نفس المسائل أو هي مع مبادئها.
الثاني : أنّ هذا التعريف يشمل القواعد الفقهيّة مثل : «قاعدة كلّ ما يضمن بصحيحه يضمن بفاسده» إذا شكّ في المبيع المأخوذ بعقد فاسد بأنّ فيه ضمان أم لا ، فيستنبط من هذه القاعدة الحكم بضمانه.
ولكنّ هذا الإشكال غير وارد ؛ لأنّ في هذا المثال يكون انطباق الحكم الكلّي على المصداق ، ولا يصدق عليه كلمة الاستنباط ؛ إذ القول : «بأنّ البيع يضمن بصحيحه ، وكلّ ما يضمن بصحيحه يضمن بفاسده ، فالبيع يضمن بفاسده» يستفاد منه حكم الفرد من الكلّي ، لا الاستنباط.
وأورد المحقّق الأصفهاني قدسسره (٢) على التعريف المذكور : بأنّك تقول : لا بدّ للقواعد الاصوليّة من إحدى الخصوصيّتين المذكورتين ، قلنا : هل الجامع بينهما موجود أم لا؟ إن قلت : بوجوده بينهما فلم لم تذكره في مقام التعريف ، وإن قلت : بعدم وجوده كما يستفاد هو من عدم ذكره فلا بدّ من الالتزام بترتّب الغرضين على الخصوصيّتين ، فإنّك قلت مرارا بأنّه : لا يؤثّر المؤثّران في أثر واحد بدون جامع مشترك ، وهذا الالتزام في علم الاصول مناف لما سبق من قولك ، مضافا إلى بعد ذلك بل امتناعه عادة.
__________________
(١) تهذيب الاصول ١ : ١٠ ـ ١١.
(٢) نهاية الدراية ١ : ٤٢.