الواحد دليل شرعي وارد عليها.
ثمّ إنّ المحقّق النائيني قدسسره (١) أجاب عن الآيات الناهية بأنّ أدلّة حجّية خبر الواحد حاكمة عليها ، حيث إنّ تلك الأدلّة تقتضي إلقاء احتمال الخلاف وجعل الخبر محرزا للواقع ، فيكون حاله حال العلم في عالم التشريع ، فلا يمكن أن تعمّه الآيات الناهية عن العمل بالظنّ.
هذا في غير السيرة العقلائيّة ، وأمّا السيرة فيمكن القول بأنّ نسبتها إلى الآيات الناهية نسبة الورود بل التخصّص ؛ لأنّ عمل العقلاء بخبر الثقة ليس من العمل بالظنّ ، وذلك لعدم التفاتهم إلى احتمال مخالفة الخبر للواقع ، فالعمل بخبر الثقة عندهم خارج عن العمل بالظنّ تخصّصا.
أضف إلى ذلك : أنّ رادعيّة الآيات الناهية عن السيرة يلزم منها الدور المحال ؛ لأنّ الردع عن السيرة بالآيات الناهية يتوقّف على أن لا تكون السيرة مخصّصة لعمومها ، وعدم كونها مخصّصة لها يتوقّف على أن تكون رادعة عنها.
وإن منعت عن ذلك كلّه فلا أقلّ من أن يكون حال السيرة حال سائر الأدلّة الدالّة على حجّية خبر الواحد من كونها حاكمة على الآيات الناهية ، والمحكوم لا يصلح أن يكون رادعا عن الحاكم.
ويرد عليه : أوّلا : أنّ مفاد أدلّة حجّية خبر الواحد هو اتّباع قول الثقة وجعل الحجّية له ، وأمّا تنزيل الخبر منزلة العلم في عالم التشريع بإلقاء احتمال الخلاف فيه فلا يستفاد منها بوجه ، وقد عرفت سابقا عدم تماميّة ما يقال من أنّ المجعول في الأمارات هو الكاشفيّة أو تتميم الكشف لتكون الأمارة مصداقا ادّعائيّا للعلم.
__________________
(١) فوائد الاصول ٣ : ١٦١ ـ ١٦٢.