وثانيا : أنّ نسبة السيرة العقلائيّة إلى الآيات الناهية ليست نسبة الورود أو التخصّص ، وذلك لأنّها فرع كون العمل بالخبر الواحد عند العقلاء عملا بالعلم ، وهو باطل ؛ إذ لم يحصل لهم العلم منه ، بل جعله العقلاء حجّة للعمل به في مصاف القطع ؛ إذ لو كان القطع طريقا منحصرا في امور المعاش والحياة الاجتماعيّة يلزم ما لا يكون قابلا للتحمّل من المشتقّات والمشكلات ، وأمّا عدم التفاتهم إلى احتمال الخلاف في خبر الثقة فلا يصحّح الورود أو التخصّص ؛ إذ الورود والتخصّص يدور مدار الخروج الواقعي الحقيقي لا مدار الخروج عند المخاطب.
وثالثا : أنّ الدور المدّعى غير تامّ نقضا وحلّا ، أمّا نقضا فلانقلاب الدور عليه قدسسره ببيان : أنّ مخصّصيّة السيرة لعموم الآيات الناهية تتوقّف على عدم رادعيّة الآيات عنها ، وعدم رادعيّتها عنها يتوقّف على مخصّصية السيرة لعمومها.
وأمّا حلّا فلأنّ رادعيّة الآيات الناهية عن السيرة حاصلة بالفعل ولا تتوقّف على شيء ، وأمّا حجّية السيرة العقلائيّة وبالتالي تخصيصها لعموم الآيات فهي غير حاصلة بالفعل ، وإنّما تصير حجّة بإمضاء الشارع وعدم ردعه عنها ، فلا يلزم من رادعيّة الآيات الناهية عن السيرة الدور المحال.
ورابعا : أنّ حكومة السيرة عليها من غرائب كلامه قدسسره فإنّ الحكومة إنّما تتقوّم بلسان الدليل اللفظي كحكومة «لا شكّ لكثير الشكّ» على أدلّة الشكوك ، وأمّا السيرة فهي عمل خارجي ودليل لبّي ، وكيف تصحّ حكومته على دليل لفظي؟!
وأمّا السنّة فهي على طوائف مع اختلاف مفادها من حيث السعة والضيق :