الذي جاء به غير فاسق بل عادل فلا يجب التبيّن فيه وهو حجّة ، فيكون للآية مفهوم ، وليست مسوقة لبيان تحقّق الموضوع.
وفيه : أنّ ما أفاده قدسسره لا يساعده ظاهر الآية ولا يكون قابلا للاستظهار منها ، ولا يصحّ الاستدلال بكون ذلك معنى الآية احتمالا ، والظاهر منها هو كون الموضوع نبأ الفاسق لا طبيعة النبأ ، بل باحتمال كون الموضوع هو نبأ الفاسق لا يصحّ استدلاله قدسسره.
ولكنّ المحقّق النائيني قدسسره (١) ذكر شاهدا في المقام على كون الموضوع في الآية هو طبيعة النبأ ، والشاهد هو مورد نزول الآية ، فإنّ موردها هو إخبار الوليد بارتداد بني المصطلق ، فقد اجتمع في خبره عنوان كونه من خبر الواحد ، وكون المخبر فاسقا ، والآية الشريفة إنّما وردت لإفادة كبرى كلّيّة وإعطاء الضابطة لتمييز الأخبار التي يجب التبيّن فيها عن الأخبار التي لا يجب التبيّن فيها ، وقد علّق وجوب التبيّن فيها على كون المخبر فاسقا ، فيكون الشرط لوجوب التبيّن هو كون المخبر فاسقا لا كون الخبر واحدا ؛ لأنّه لو كان الشرط ذلك لعلّق وجوب التبيّن في الآية عليه ؛ لأنّه بإطلاقه شامل لخبر الفاسق ، فعدم التعرّض لخبر الواحد وجعل الشرط خبر الفاسق كاشف عن انتفاء التبيّن في خبر غير الفاسق.
وفيه : أنّ ظهور الآية في إفادة الكبرى الكلّيّة لتمييز الأخبار التي يجب التبيّن فيها عن الأخبار التي لا يجب فيها التبيّن موقوف على ثبوت المفهوم للآية ، وهو أوّل الكلام ، مع أنّ سياق بيانه قدسسره أقرب إلى مفهوم الوصف من مفهوم الشرط ، فكلامه قدسسره هذا ليس إلّا مصادرة للمطلوب ، فإنّ الآية الشريفة على
__________________
(١) فوائد الاصول ٣ : ١٦٩.