الإنشاء واحدا إلّا أنّه بحسب المنشأ ينحلّ إلى أحكام عديدة حسب تعدّد الأفراد خارجا ، فيكون لكلّ فرد من موضوع القضيّة حكم برأسه ، وعليه فما يترتّب على خبر الشيخ من حكم وجوب التصديق لا يترتّب بعينه وشخصه على خبر المفيد ، بل المترتّب على خبره وجوب تصديق آخر ، ومن هنا تظهر حقيقة الأمر في مسألتي الإقرار بالإقرار والبيّنة على البيّنة.
ثمّ إنّ هناك محاولة شريفة لاستاذنا السيّد الإمام الخميني قدسسره (١) بإرجاع الخبر مع الواسطة إلى الخبر بلا واسطة ، ومعه لا يبقى موضوع لأصل الإشكال بوجوهه الأربعة ، وذلك لأنّ العرف لا يرى في الخبر مع الواسطة إخبارات وموضوعات متعدّدة بتعدّد المخبرين حتّى يتطلّب كلّ موضوع أثرا خاصّا به ، وإنّما يرى خبرا واحدا لا غير يحكي عن قول المعصوم عليهالسلام ، فالخبر المعنعن المسلسل عندهم خبر واحد لا أخبار متعدّدة ؛ إذ نظرهم إلى الوسائط طريقي وليس موضوعيّا ، والشاهد على ذلك انصراف الأدلّة الدالّة على احتياج الموضوعات إلى البيّنة وعدم كفاية الخبر الواحد فيها عن إخبار الوسائط مع كونها من الموضوعات ، كما هو واضح.
هذا تمام الكلام في الاعتراضات العامّة على أدلّة حجّية خبر الواحد ، وقد عرفت عدم تماميّة شيء منها.
الآية الثانية : قوله تعالى : (وَما كانَ الْمُؤْمِنُونَ لِيَنْفِرُوا كَافَّةً فَلَوْ لا نَفَرَ مِنْ كُلِّ فِرْقَةٍ مِنْهُمْ طائِفَةٌ لِيَتَفَقَّهُوا فِي الدِّينِ وَلِيُنْذِرُوا قَوْمَهُمْ إِذا رَجَعُوا إِلَيْهِمْ لَعَلَّهُمْ يَحْذَرُونَ)(٢).
__________________
(١) تهذيب الاصول ٢ : ١٢٦ ـ ١٢٧.
(٢) التوبة : ١٢٢.