وتقريب الاستدلال بها يتمّ بضمّ امور ثلاثة :
الأوّل : أنّ الآية الشريفة تدلّ على وجوب تحذّر القوم عقيب الإنذار ، وقد ذكروا وجوها للدلالة المذكورة :
الأوّل : أنّ كلمة «لعلّ» وضعت لإنشاء الترجّي لا للترجّي الحقيقي ، فإنّه ملازم للعجز الذي يستحيل في حقّه تعالى ، ولكنّ الداعي للاستعمال هو إظهار محبوبيّة التحذّر ورجحانه ، وإذا ثبتت محبوبيّته ثبت وجوبه شرعا وعقلا.
أمّا شرعا فللإجماع المركّب حيث إنّ الأصحاب بين من لا يجوّز العمل بخبر الواحد أصلا ـ كالسيّد المرتضى قدسسره ـ وبين من يلتزم بحجّيته بمعنى وجوب العمل به ، فالقول بجواز العمل بالخبر ورجحانه دون وجوبه خرق للإجماع المركّب.
وأمّا عقلا فلوجود الملازمة العقليّة بين حسن الحذر ووجوبه ؛ إذ مع وجود المقتضي للحذر يجب لا محالة ، ومع عدم وجود المقتضي لا حسن للحذر أصلا ، بل لا يمكن الحذر بدون المقتضي له.
الوجه الثاني : دعوى الملازمة بين الإنذار الواجب بسبب كونه غاية للنفر الواجب وبين وجوب الحذر ؛ لأنّ الحذر وقع غاية للإنذار الواجب ، وغاية الواجب واجبة.
الوجه الثالث : أنّه لو لا وجوب التحذّر لكان الأمر بالنفر والإنذار لغوا ، فإذا وجب الإنذار لكونه غاية للنفر الواجب وجب التحذّر والقبول من المنذر.
الأمر الثاني : أنّ التحذّر واجب مطلقا ، أي سواء أفاد قول المنذر العلم أو لا.
الأمر الثالث : أنّ وجوب التحذّر بنحو مطلق مساوق لحجّية خبر الواحد