(لِيَتَفَقَّهُوا) وفي قوله (لِيُنْذِرُوا) وفي قوله ليحذروا ، هو الجمع الاستغراقي الأفرادي ، لا المجموعي الارتباطي ؛ لوضوح أنّ المكلّف بالتفقّه هو كلّ فرد فرد من أفراد الطائفة النافرين أو المتخلّفين ـ على الوجهين في تفسير الآية ـ وليس المراد تفقّه مجموع الطائفة من حيث المجموع ، كما أنّه ليس المراد إنذار المجموع من حيث المجموع ، بل المراد أن يتفقّه كلّ واحد من النافرين أو المتخلّفين وينذر كلّ واحد منهم.
وبالجملة ، كما أنّ المراد من الجمع في قوله تعالى : (يَحْذَرُونَ) هو الجمع الاستغراقي الأفرادي ، كذلك المراد من الجمع في قوله تعالى (لِيَتَفَقَّهُوا) و (لِيُنْذِرُوا) هو الجمع الأفرادي.
وإذا عرفت أنّ المراد من الجمع هو العام الاستغراقي فلا يبقى مجال للريب في إطلاق وجوب التحذّر ، حصل العلم من قول المنذر أو لم يحصل ؛ إذ أيّ إطلاق يكون أقوى من إطلاق الآية بالنسبة إلى حالتي حصول العلم من قول المنذر وعدمه.
وفيه : أنّ المراد من أقوائيّة الإطلاق إن كان إثبات إطلاق وجوب التحذّر من طريق العموم فهو صحيح بعد إثبات هذا المعنى في نظائر هذه المسألة ، وإن كان المراد إثباته من طريق أصالة الإطلاق فلا بدّ من تماميّة مقدّمات الحكمة ، منها إحراز كون المولى في مقام البيان ، ولا دليل لنا لكون الآية في مقام بيان الإطلاق.
الثاني : ما أفاده بعض الأعلام قدسسره (١) من أنّ الأصل في كلّ كلام أن يكون في مقام البيان لاستقرار بناء العقلاء على ذلك ما لم تظهر قرينة على خلافه ،
__________________
(١) مصباح الاصول ٢ : ١٨٤ ـ ١٨٥.