الإمام عليهالسلام بتلك الآية على وجوب النفر لمعرفة الإمام وإنذار المتخلّفين بما رأوه من آثار الإمامة ، ومن الواضح عدم ثبوت الإمامة إلّا بالعلم ، كما في صحيحة عبد الأعلى ، قال : سألت أبا عبد الله عليهالسلام عن قول العامّة إنّ رسول الله صلىاللهعليهوآله قال : «من مات وليس له إمام مات ميتة جاهليّة؟» قال عليهالسلام : «حقّ والله» ، قلت : فإنّ إماما هلك ورجل بخراسان لا يعلم من وصيّه لم يسعه ذلك ، قال عليهالسلام : «لا يسعه ، أنّ الإمام إذا مات وقعت حجّة وصيّه على من هو معه في البلد ، وحقّ النفر على من ليس بحضرته إذا بلغهم ، إنّ الله عزوجل يقول : (فَلَوْ لا نَفَرَ مِنْ كُلِّ فِرْقَةٍ مِنْهُمْ طائِفَةٌ ...) إلخ (١)».
هذا تمام الكلام في آية النفر ، وقد عرفت عدم تماميّة الاستدلال بها على حجّية خبر الواحد.
الآية الثالثة : قوله تعالى : (وَما أَرْسَلْنا مِنْ قَبْلِكَ إِلَّا رِجالاً نُوحِي إِلَيْهِمْ فَسْئَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ)(٢).
وتقريب الاستدلال بها هو أنّ وجوب السؤال يدلّ على وجوب القبول بالملازمة ، وإلّا يلزم لغويّة وجوب السؤال ، وبالإطلاق لصورة عدم حصول العلم من الجواب تثبت حجّية خبر الواحد.
ويرد عليه : أوّلا : أنّ مورد الآية هي مسألة النبوّة ، ومن الواضح أنّ خبر الواحد لا يكون حجّة في الاصول الاعتقاديّة التي يكون الواجب فيها تحصيل العلم ، ولكن التحقيق : أنّ مسألة النبوّة تكون من المسائل الاعتقاديّة لمن كان غرضه التبعيّة لنبيّ ، لا لمن كان غرضه التحقيق في حالات الأنبياء السالفة ،
__________________
(١) الكافي ١ : ٣٧٨ ، الحديث ٢.
(٢) النحل : ٤٣.