على نفي الفعليّة ، وعدم الفعليّة أعمّ من أن يكون لأجل عدم الاستحقاق أو لأجل عفوه ولطفه تعالى للعباد مع استحقاقهم للعذاب. وعليه فلا يؤمّن فاعل الشبهة من العذاب الاخروي ؛ إذ المفروض أنّ نفي فعليّة العذاب لا ينفي استحقاقه.
وفيه : أنّ التعبير باستحقاق العقوبة وعدمه وإن تحقّق في ظاهر الكلمات ولكن ليس من شأن الاصولي أن يكون في مقام إثبات استحقاق العقوبة ونفيه ، فإنّه مسألة كلاميّة ، وإنّما النزاع بيننا وبين الأخباريّين في ثبوت المؤمّن من العقاب في ارتكاب الشبهة وعدمه ، ومعلوم أنّ المؤمّن منه ثابت بالآية قبل بعث الرسول وبيان التكليف ، سواء تحقّق الاستحقاق أم لا.
الوجه الثالث : ما عن المحقّق النائيني قدسسره (١) من أنّ مفاد الآية هو الإخبار عن نفي التعذيب قبل إتمام الحجّة ، كما هو حال الامم السابقة ، فلا دلالة لها على حكم مشتبه الحكم من حيث إنّه مشتبهة ، فتكون أجنبيّة عمّا نحن فيه.
وفيه : أنّ بعث الرسول كناية عن إيصال الأحكام وتبليغها للعباد ، فيكون مشتبه الحكم من حيث إنّه مشتبه داخل في مفاد الآية ، مع أنّه لا فائدة للاستدلال بالآية في مقابل أدلّة الأخباريّين ؛ لحكومتها عليه ، فإنّ مفاد الآية هو نفي العقاب بلا بيان التكليف ، ومفاد أدلّة الأخباريّين ـ على فرض تماميّتها ـ أنّ دليل الاحتياط بيان له ، فظاهر الآية أنّه ليس من شأن الباري ارتكاب ما هو قبيح عقلا.
الآية الثانية : قوله تعالى : (لِيُنْفِقْ ذُو سَعَةٍ مِنْ سَعَتِهِ وَمَنْ قُدِرَ عَلَيْهِ رِزْقُهُ فَلْيُنْفِقْ مِمَّا آتاهُ اللهُ لا يُكَلِّفُ اللهُ نَفْساً إِلَّا ما آتاها سَيَجْعَلُ اللهُ بَعْدَ
__________________
(١) فوائد الاصول ٣ : ٣٣٣ ـ ٣٣٤.