يكون موجودا قبل تحقّق الفعل ، ليكون الفعل واقعا عليه ، مثل : «ضربت زيدا».
وقد أجاب المحقّق النائيني قدسسره (١) عن الإشكال بأنّ المفعول المطلق النوعي والعددي يصحّ جعله مفعولا به بنحو العناية ، فإنّ الوجوب والتحريم ـ مثلا ـ وإن كان وجودهما بنفس الإيجاب والإنشاء وليس لهما نحو تحقّق في المرتبة السابقة إلّا أنّهما باعتبار ما لهما من المعنى الاسم المصدري يصحّ تعلّق التكليف بهما. نعم ، هما بالمعنى المصدري لا يصحّ تعلّق التكليف بهما.
وفيه : أنّ لازم ما أفاده قدسسره هو الجمع بين الاعتبارين المتنافيين ؛ إذ المفعول المطلق عبارة عن حاصل المصدر ، ولهذا يكون متأخّرا رتبة عن المصدر ، وأمّا المفعول به فهو مقدّم في الاعتبار على المصدر ؛ لأنّه إضافة قائمة به ، وعليه فكيف يمكن الجمع بين المفعول به والمفعول المطلق في الاعتبار؟! فإنّه يلزم منه اعتبار المتأخّر في الاعتبار متقدّما في الاعتبار في حال كونه متأخّرا.
وهناك جواب آخر أفاده المحقّق العراقي قدسسره (٢) ، وهو : أنّ الإشكال إنّما يرد في فرض إرادة الخصوصيّات المزبورة من شخص الموصول ، وإلّا فبناء على استعمال الموصول في معناه الكلّي العام ، وإرادة الخصوصيّات من دوال أخر خارجيّة فلا يتوجّه محذور ، لا من طرف الموصول ولا في لفظ الإيتاء ، ولا من جهة تعلّق الفعل بالموصول ، وذلك أمّا من جهة الموصول فظاهر ، فإنّه لم يستعمل إلّا في معناه الكلّي العام ، وأنّ إفادة الخصوصيّات إنّما كان بتوسيط دالّ آخر خارجي ، وكذلك الحال في لفظ الإيتاء فإنّه أيضا مستعمل في معناه
__________________
(١) فوائد الاصول ٣ : ٣٤٢ ـ ٣٤٣.
(٢) نهاية الأفكار ٣ : ١٩٦.