المسألة هو التربّص إلى ذهاب الحمرة المشرقيّة ، خلافا للعامّة حيث يكتفون بغيبوبة الشمس ، ولكن لمّا كان التصريح بالحكم الواقعي في المكتوب مظنّة الضرر اضطرّ عليهالسلام في بيانه إلى طريق آخر ، وهو الأخذ بالاحتياط ، وعليه فلا يدلّ الحديث على وجوب الاحتياط في عامّة الشبهات.
ومنها : قال عبد الرحمن بن الحجّاج : سألت أبا الحسن عليهالسلام عن رجلين أصابا صيدا وهما محرمان ، الجزاء بينهما أو على كلّ واحد منهما جزاء؟ قال عليهالسلام : «بل عليهما أن يجزي كلّ واحد جزاء الصيد» ، فقلت : إنّ بعض أصحابنا سألني عن ذلك فلم أدر ما عليه؟ قال عليهالسلام : «إذا أصبتم بمثل هذا ولم تدروا فعليكم بالاحتياط حتّى تسألوا عنه وتعلموا» (١).
وفيه : أوّلا : أنّ الحديث ورد فيما إذا أمكن السؤال من الإمام عليهالسلام وإزالة الشبهة ، ومحلّ النزاع فيما إذ لم يمكن إزالة الشبهة وبقاؤها حتّى بعد الفحص الكامل.
وثانيا : أنّ قوله عليهالسلام : «إذا أصبتم بمثل هذا» فيه احتمالان : الأوّل أن يكون المراد من المشار إليه نفس الواقعة المسئول عنها ، أي إصابة الصيد ، والثاني : أن يكون المراد منه الشيء الذي لا يعلم حكمه ، وعلى الأوّل يكون الحديث أجنبيّا عن الشبهة التحريميّة البدويّة بعد الفحص ، وراجعا إلى الشبهة الوجوبيّة المقرونة بالعلم الإجمالي الدائر بين الأقلّ والأكثر ، وعلى الثاني فإمّا أن يراد من قوله عليهالسلام : «فعليكم بالاحتياط» الاحتياط في الفتوى أو الفتوى بالاحتياط أو الفتوى بالطرف الموافق للاحتياط ، إلّا أنّ الظاهر هو الاحتمال الأوّل ، فيكون المقصود ترك الفتوى وعدم التقوّل على الله تعالى إلّا بعد السؤال والعلم.
__________________
(١) المصدر السابق : ١٥٤ ، الحديث ١.